Pages

Sabtu, 03 Desember 2011

Kunci-Kunci Keberuntungan dalam amal dan hari Syekh Bahei


                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 250
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ النُّورَ فِي بَصَرِي وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي وَ الْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي وَ السَّلَامَةَ فِي نَفْسِي وَ السَّعَةَ فِي رِزْقِي وَ الشُّكْرَ لَكَ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي ثُمَّ تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الشُّكْرِ وَ تَقُولُ فِيهِمَا وَ بَعْدَهُمَا مَا مَرَّ وَ أَقَلُّ مَا يُجْزِي أَنْ تَقُولَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا شُكْراً شُكْراً شُكْراً وَ قَدْ رُوِيَ فِعْلُهُمَا بَعْدَ نَافِلَةِ الْمَغْرِبِ وَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِعْلُهُمَا قَبْلَهَا.
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 251
وَ بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنْ ذَلِكَ تَقُومُ إِلَى رَكْعَتَيْ سَاعَةِ الْغَفْلَةِ فَتَقْرَأُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْحَمْدِ وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى‏ فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.
وَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْحَمْدِ وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ.
ثُمَّ تَقْنُتُ فَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَفَاتِحِ الْغَيْبِ الَّتِي لَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 252
يَعْلَمُهَا إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ أَنْتَ وَلِيُّ نِعْمَتِي وَ الْقَادِرُ عَلَى طَلِبَتِي تَعْلَمُ حَاجَتِي فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَمَّا قَضَيْتَهَا لِي وَ تَسْأَلُ حَاجَتَكَ فَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ مَنْ صَلَّى هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ سَأَلَ اللَّهَ حَاجَةً أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ‏
. و اعلم أنه قد اشتهر تسمية هاتين الركعتين بركعتي الغفيلة و ركعتي الغفلة و ركعتي ساعة الغفلة و وجه ذلك أن الساعة التي تصلي هاتان الركعتان فيها و هي ما بين المغرب و العشاء تسمى ساعة الغفلة
رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ عَنِ الْبَاقِرِ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 253
ع أَنَّهُ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ إِنَّمَا يَبُثُّ جُنُودَهُ جُنُودَ اللَّيْلِ مِنْ حِينِ تَغِيبُ الشَّمْسُ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَ يَبُثُّ جُنُودَ النَّهَارِ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ الْفَجْرُ إِلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي هَاتَيْنِ السَّاعَتَيْنِ وَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ شَرِّ إِبْلِيسَ وَ جُنُودِهِ وَ عَوِّذُوا صِغَارَكُمْ فِي هَاتَيْنِ السَّاعَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا سَاعَتَا غَفْلَةٍ
وَ رَوَى شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص تَنَفَّلُوا فِي سَاعَةِ الْغَفْلَةِ وَ لَوْ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُورِثَانِ [يُورِدَانِ‏] دَارَ الْكَرَامَةِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا سَاعَةُ الْغَفْلَةِ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 254
قَالَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ
. و لا يخفى أن الظاهر أن المراد بما بين المغرب و العشاء ما بين وقت المغرب و وقت العشاء أعني ما بين غروب الشمس و غيبوبة الشفق كما يرشد إليه الحديث السابق لا ما بين الصلاتين و قد ورد في الأحاديث الصحيحة أن أول وقت العشاء غيبوبة الشفق كما سيجي‏ء.
و من هذا يستفاد أن وقت أداء ركعتي الغفلة ما بين الغروب [المغرب‏] و ذهاب الشفق فإذا خرج ذلك صارت قضاء.
وَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ فِي سَاعَةِ الْغَفْلَةِ رَكْعَتَانِ يُقْرَأُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْحَمْدِ الزِّلْزَالُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْحَمْدِ التَّوْحِيدُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً فَقَدْ رَوَى شَيْخُ الطَّائِفَةِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ زَاحَمَنِي فِي الْجَنَّةِ وَ لَمْ يُحْصِ ثَوَابَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى‏
. توضيح و أصوات دعاتك بالتاء الفوقانية جمع داع يحظي عندك بالحاء المهملة و الظاء المعجمة على وزن‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 255
يعطي أي يوجب الحظ يزلف على وزن يكرم أي يقرب و المنهل المشهود المنهل موضع النهل بفتحتين و هو أول الشرب و المراد بالمنهل هنا حوض الكوثر فعطفه عليه تفسيري حتى أتاه اليقين المراد باليقين الموت و به فسر قوله تعالى وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ و تراجمة وحيك بالتاء المثناة الفوقانية ثم الراء المهملة ثم الألف ثم الجيم مكسورة ثم ميم ثم هاء جمع ترجمان و هو المترجم أي المفسر للسان بلسان آخر و جعله لباسا و سكنا المراد باللباس الغطاء لأنه يغطى و يستر بظلمته و به فسر قوله تعالى وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً و قد مر تفسير السكن في تفسير دعاء الساعة الخامسة و جعل اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ أي علامتين دالتين على كمال القدرة عصمة أمري بكسر العين و إسكان الصاد المهملتين أي وقاية [وقايتي‏] حالي و حافظي من الشقاء المخلد و اجعل الحياة زيادة لي من كل خير أي اجعلها موجبة لازديادي من كل نوع من أنواع الخيرات اللهم إني و هذا الليل و النهار خلقان أي مخلوقان و لما كان‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 256
الليل و النهار عبارة عن مقدار دورة الشمس صحت تثنية خبر إن و يمكن أن يجعل الخبر عن اسمها محذوفا فيكون من عطف الجملة على الجملة و التقدير أني خلقك و هذا الليل و النهار خلقان و لا ترهما جرأة مني أي لا تجعلهما بحيث يريان مني جرأة على الذنوب و الغرض التوفيق لترك الذنوب حتى أعي وحيك أعي بالعين المهملة أي حتى أفهمه و درك الشقاء مر تفسيره في تعقيب الصبح و جهد البلاء الجهد بفتح أوله و قد يضم المشقة و جهد البلاء هي الحالة التي يتمنى الإنسان معها الموت و قيل هي كثرة العيال مع الفقر و من الداء العضال بالعين المهملة المضمومة و الضاد المعجمة المرض الصعب الذي يعجز عنه الطبيب و خيبة المنقلب الخيبة بالخاء المعجمة و الياء المثناة التحتانية و الباء الموحدة من خاب يخيب إذا صار محروما خاسرا و المنقلب بفتح اللام مصدر بمعنى الانقلاب أي الرجوع و المراد به الرجوع إلى الله سبحانه يوم القيامة من إنسان سوء و جار سوء السوء بالفتح مصدر ساءه أي فعل به ما يكره و بالضم اسم للمعنى الحاصل بالمصدر و يقال إنسان سوء بالإضافة و فتح السين و كذلك جار سوء و قرين سوء
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 257
و أمثال ذلك كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً الكتاب مصدر كالقتال و المراد منه المكتوب أي المفروض و الموقوت المحدود بأوقات معينة و ذَا النُّونِ أي صاحب الحوت و هو يونس بن متى على نبينا و عليه السلام وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ننجي بنونين مضارع أنجينا فالنون الثانية ساكنة و قرأ ابن عامر و أبو بكر نجي بالتشديد و نون واحدة على وزن الماضي المبني للمفعول لكنه مضارع أصله ننجي بنونين فسقطت الثانية كما سقطت التاء الثانية في قوله تعالى تَظاهَرُونَ و قد تقدم تفسير بقية الآية الكريمة في أدعية نافلة العصر وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ أي خزائنه أو مفاتيحه إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي في اللوح المحفوظ و قيل في علم الله سبحانه و تعالى و القادر على طلبتي بفتح الطاء و كسر اللام و فتح الباء أي مطلبي كما مر في تعقيب الصبح لما قضيتها لي لما بالتشديد بمعنى إلا يقال أسألك لما فعلت كذا أي ما أسألك إلا فعل كذا و قد يقرأ بالتخفيف أيضا فلا حاجة إلى تأويل الفعل المثبت بالنفي و تكون لفظة ما زائدة و قد قرئ بالوجهين قوله تعالى إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ
 [فصل في أول وقت العشاء و سجدتي الشكر و الوتيرة]
فصل و أول وقت العشاء الفراغ من المغرب على‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 258
المشهور و يمتد وقت فضيلتها إلى ثلث الليل و وقت أدائها إلى أربع ركعات قبل انتصافه و ينبغي بعد فراغك من ركعتي الغفلة أن تتفقد الشفق فإن كان باقيا فلا ينبغي الشروع في العشاء حتى يذهب و قد ذهب الشيخان إلى أنه لا يدخل وقتها إلا بغيبوبة الشفق-
وَ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ذَهَابُ الْحُمْرَةِ رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ‏
. و هو محمول على استحباب تأخيرها إلى ذهاب الشفق فإذا تحققت ذهابه فينبغي أن تبادر إلى الأذان و الإقامة آتيا بالأدعية قبل الإقامة و بعدها ثم اشرع في العشاء مفتتحا داعيا كما مر-
وَ تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْأَعْلَى أَوِ الشَّمْسِ أَوْ مَا شَابَهَهُمَا فِي الطُّولِ كَمَا رَوَاهُ شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ‏
. و في الثانية سورة التوحيد كباقي الصلوات و تكبر و تقنت بما مر في الباب الأول و بما يأتي في الباب السادس و تطيل القنوت و التعقيب فإنك في سعة من الوقت فتأتي بالتعقيبات المشتركة بين الخمس و بالمشتركة بين الصباح و المساء ثم بما يختص بالعشاء فتقول-
اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلِّ عَلَى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 259
مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَا تُؤْمِنَّا مَكْرَكَ وَ لَا تُنْسِنَا ذِكْرَكَ وَ لَا تَكْشِفْ عَنَّا سِتْرَكَ وَ لَا تَحْرِمْنَا فَضْلَكَ وَ لَا تُحِلَّ عَلَيْنَا غَضَبَكَ وَ لَا تُبَاعِدْنَا مِنْ جِوَارِكَ وَ لَا تَنْقُصْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ وَ لَا تَنْزِعْ عَنَّا بَرَكَاتِكَ وَ لَا تَمْنَعْنَا عَافِيَتَكَ وَ أَصْلِحْ لَنَا مَا أَعْطَيْتَنَا وَ زِدْنَا مِنْ فَضْلِكَ الْمُبَارَكِ الطَّيِّبِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَ لَا تُغَيِّرْ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَتِكَ وَ لَا تُؤْيِسْنَا مِنْ رَوْحِكَ وَ لَا تُهِنَّا بَعْدَ كَرَامَتِكَ وَ لَا تُضِلَّنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ‏

ثُمَّ تَقْرَأُ كُلًّا مِنَ الْفَاتِحَةِ وَ التَّوْحِيدِ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ:
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 260
سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَقُولُ:
اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَ أَسْبِغْ عَلَيَّ مِنْ حَلَالِ رِزْقِكَ وَ مَتِّعْنِي بِالْعَافِيَةِ مَا أَبْقَيْتَنِي فِي سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ جَمِيعِ جَوَارِحِي اللَّهُمَّ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَ أَتُوبُ إِلَيْكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ‏
ثُمَّ تَقُولُ وَ هُوَ مِنْ أَدْعِيَةِ طَلَبِ الرِّزْقِ اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لِي عِلْمٌ بِمَوْضِعِ رِزْقِي وَ إِنَّمَا أَطْلُبُهُ بِخَطَرَاتٍ تَخْطُرُ عَلَى قَلْبِي فَأَجُولُ فِي طَلَبِهِ الْبُلْدَانَ وَ أَنَا فِيمَا أَطْلُبُ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 261
كَالْحَيْرَانِ لَا أَدْرِي أَ فِي سَهْلٍ هُوَ أَمْ فِي جَبَلٍ أَمْ فِي أَرْضٍ حَزْنٍ أَمْ فِي سَمَاءٍ أَمْ فِي بَرٍّ أَمْ فِي بَحْرٍ وَ عَلَى يَدَيْ مَنْ وَ مِنْ قِبَلِ مَنْ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عِلْمَهُ عِنْدَكَ وَ أَسْبَابَهُ بِيَدِكَ وَ أَنْتَ الَّذِي تَقْسِمُهُ بِلُطْفِكَ وَ تُسَبِّبُهُ بِرَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْ يَا رَبِّ رِزْقَكَ لِي وَاسِعاً وَ مَطْلَبَهُ سَهْلًا وَ مَأْخَذَهُ قَرِيباً وَ لَا تُعَنِّنِي بِطَلَبِ مَا لَمْ تُقَدِّرْ لِي فِيهِ رِزْقاً فَإِنَّكَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِي وَ أَنَا فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ جُدْ عَلَى عَبْدِكَ بِفَضْلِكَ إِنَّكَ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ‏

ثُمَّ تَقُولُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ صَلِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 262
عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَاةً تُبَلِّغُنَا بِهَا رِضْوَانَكَ وَ الْجَنَّةَ وَ تُنَجِّينَا بِهَا مِنْ سَخَطِكَ وَ النَّارِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَرِنِي الْحَقَّ حَقّاً حَتَّى أَتَّبِعَهُ وَ أَرِنِي الْبَاطِلَ بَاطِلًا حَتَّى أَجْتَنِبَهُ وَ لَا تَجْعَلْهُ عَلَيَّ مُتَشَابِهاً فَأَتَّبِعَ هَوَايَ بِغَيْرِ هُدًى مِنْكَ وَ اجْعَلْ هَوَايَ تَبَعاً لِرِضَاكَ وَ طَاعَتِكَ وَ خُذْ لِنَفْسِكَ رِضًا مِنْ نَفْسِي وَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَ تَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَ بَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَ لَا يُقْضَى عَلَيْكَ وَ تُجِيرُ وَ لَا يُجَارُ عَلَيْكَ تَمَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 263
نُورُكَ اللَّهُمَّ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَ بَسَطْتَ يَدَكَ فَأَعْطَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُرُ وَ تُعْصَى رَبَّنَا فَتَغْفِرُ وَ تَسْتُرُ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ بِالْكَرَمِ وَ الْجُودِ لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي وَ ارْحَمْنِي وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي يَا خَيْرَ الْغَافِرِينَ- لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءً
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 264
وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ بَيِّتْنِي مِنْكَ فِي عَافِيَةٍ وَ صَبِّحْنِي مِنْكَ فِي عَافِيَةٍ وَ اسْتُرْنِي مِنْكَ فِي عَافِيَةٍ وَ ارْزُقْنِي تَمَامَ الْعَافِيَةِ وَ دَوَامَ الْعَافِيَةِ وَ الشُّكْرَ عَلَى الْعَافِيَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَ دِينِي وَ أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي وَ أَهْلَ حُزَانَتِي وَ كُلَّ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ وَ تُنْعِمُ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْنِي فِي كَنَفِكَ وَ أَمْنِكَ وَ كَلَاءَتِكَ وَ حِفْظِكَ وَ حِيَاطَتِكَ وَ كِفَايَتِكَ وَ سَتْرِكَ وَ ذِمَّتِكَ وَ جِوَارِكَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 265
وَ وَدَائِعِكَ يَا مَنْ لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ وَ لَا يَخِيبُ سَائِلُهُ وَ لَا يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ إِنِّي أَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِ أَعْدَائِي فَكِدْ مَنْ كَادَنِي وَ بَغَى عَلَيَّ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا [بِسُوءٍ] فَأَرِدْهُ وَ مَنْ كَادَنَا فَكِدْهُ وَ مَنْ نَصَبَ عَلَيْنَا عَدَاوَةً فَخُذْهُ يَا رَبِّ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اصْرِفْ عَنِّي الْبَلِيَّاتِ وَ الْآفَاتِ وَ الْعَاهَاتِ وَ النِّقَمِ وَ لُزُومِ السُّقْمِ وَ زَوَالِ النِّعَمِ وَ عَوَاقِبِ التَّلَفِ وَ مَا طَغَا بِهِ الْمَاءُ لِغَضَبِكَ وَ مَا عَتَتْ بِهِ الرِّيحُ عَنْ أَمْرِكَ وَ مَا أَعْلَمُ وَ مَا لَا أَعْلَمُ وَ مَا أَخَافُ وَ مَا لَا أَخَافُ وَ مَا أَحْذَرُ وَ مَا لَا أَحْذَرُ وَ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 266
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ فَرِّجْ عَنِّي هَمِّي وَ نَفِّسْ غَمِّي وَ سَلِّ حُزْنِي وَ اكْفِنِي مَا ضَاقَ بِهِ صَدْرِي وَ عِيلَ بِهِ صَبْرِي وَ قَلَّتْ فِيهِ حِيلَتِي وَ ضَعُفَتْ عَنْهُ قُوَّتِي وَ عَجَزَتْ عَنْهُ طَاقَتِي وَ رَدَّتْنِي فِيهِ الضَّرُورَةُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْآمَالِ وَ خَيْبَةِ الرَّجَاءِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ إِلَيْكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اكْفِنِيهِ يَا كَافِياً مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ لَا يَكْفِي مِنْهُ شَيْ‏ءٌ اكْفِنِي كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى لَا يَبْقَى شَيْ‏ءٌ يَا كَرِيمُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ ارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ وَ زِيَارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ [صَلَّى اللَّهُ‏] عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَعَ التَّوْبَةِ وَ النَّدَمِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 267
وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي وَ إِخْوَانِي وَ أَسْتَكْفِيكَ مَا أَهَمَّنِي وَ مَا لَمْ يُهِمَّنِي وَ أَسْأَلُكَ بِخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ الَّذِي لَا يَمُنُّ بِهِ سِوَاكَ يَا كَرِيمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَضَى عَنِّي صَلَاةً كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ثُمَّ تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الشُّكْرِ وَ تَقُولُ فِي الْأُولَى اللَّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ انْقَطَعَ الرَّجَاءُ إِلَّا مِنْكَ يَا أَحَدَ يا مَنْ [يا من‏] لَا أَحَدَ لَهُ يَا أَحَدَ مَنْ لَا أَحَدَ لَهُ يَا أَحَدَ مَنْ لَا أَحَدَ لَهُ غَيْرُكَ يَا مَنْ لَا يَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلَّا كَرَماً وَ جُوداً يَا مَنْ لَا يَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلَّا كَرَماً وَ جُوداً يَا مَنْ لَا يَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلَّا كَرَماً وَ جُوداً صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 268
وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ افْعَلْ بِي كَذَا كَذَا ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الْأَيْسَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَعُودُ وَ تَضَعُ جَبْهَتَكَ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَقُولُ وَ هُوَ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي تُدْفَعُ بِهَا الشَّدَائِدُ:
يَا سَابِغَ النِّعَمِ يَا دَافِعَ النِّقَمِ يَا بَارِئَ النَّسَمِ يَا مُجْلِيَ الْهَمِّ يَا مُغْشِيَ الظُّلَمِ يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَ الْأَلَمِ يَا ذَا الْجُودِ وَ الْكَرَمِ يَا سَامِعَ كُلِّ صَوْتٍ يَا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ يَا مُحْيِيَ الْعِظَامِ وَ هِيَ رَمِيمٌ وَ مُنْشِئَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 269
لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ‏
ثم تصلي ركعتي الوتيرة جالسا و يجوز فعلهما قائما و المشهور فيهما الجلوس- و ذكر بعض علمائنا أنه فيهما أفضل من القيام.
وَ رَوَى شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَانَ أَبِي يُصَلِّيهِمَا وَ هُوَ قَاعِدٌ وَ أَنَا أُصَلِّيهِمَا وَ أَنَا قَائِمٌ‏
. و عملنا على المشهور و يمتد وقتهما بامتداد وقت العشاء فهما بعد الانتصاف قضاء.
و تفتتحهما بالتكبيرات السبع و الأدعية الثلاثة و تقرأ في الأولى سورة الملك أو الواقعة و في الثانية التوحيد و تدعو بعد الفراغ [فراغك‏] بما شئت.
توضيح لا تؤمنا مكرك كالاستدراج و نحوه و لا تؤيسنا من روحك بفتح الراء أي من رحمتك و الروح في الأصل بمعنى الراحة و أسبغ علي من حلال رزقك أي اجعل رزقك الحلال سابغا أي واسعا و تعدية الإسباغ بعلى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 270
لتضمنه معنى الإفاضة و لا تعنني بالعين المهملة و النونين و أولاهما مشددة أي لا تتعبني بطلب غير المقدر لي و المراد ألهمني الإعراض عن طلبه و خذ لنفسك رضا من نفسي أي اجعل نفسي راضية بكل ما يرد عليها منك و أهل حزانتي بالحاء المهملة المضمومة و الزاي العيال لأنك تحزن لأجلهم و اجعلني في كنفك بفتح النون أي في حرزك و حياطتك بالحاء المهملة المكسورة أي تعهدك و صيانتك و ذمتك أي عهدك و كفالتك أدرأ بك في نحور أعدائي أدرأ بالمهملتين كأدفع وزنا و معنى و نحور بضم النون جمع نحر و هو موضع القلادة و قد ضمن أدرأ معنى أضرب أو أطعن فقال في نحور أعدائي أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ المراد بالعزيز هنا الغالب و النقم و لزوم السقم الأولى قراءة السقم هنا بفتحتين ليناسب النقم و إن جاء بضم أوله و إسكان ثانية أيضا و ما طغا به الماء لغضبك طغا بالطاء المهملة و الغين المعجمة أي جاوز الحد و المراد ما يوجب الهلال بالماء بسبب غضبه جل شأنه و ما عتت به الريح عن أمرك عتت بالعين المهملة و التاءين الفوقانيتين من العتو و هو مجاوزة الحد أي ما عتت بسببه الريح عتوا صادرا عن أمرك لها بذلك و عيل‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 271
به صبري بالعين المهملة و بعدها ياء مثناة تحتانية على صيغة المجهول من عال إذا غلب الذي لا يمن به سواك أي أسألك الأمن الذي لا يقدر على إعطائه لي و المن به علي إلا أنت كغفران الذنوب و الخلود في الجنة يا سابغ النعم من قبيل الوصف بحال المتعلق و قد عرفت معنى السبوغ يا بارئ النسم البارئ الخالق و النسم بالنون و السين [المهملتين‏] المفتوحتين جمع نسمة بفتحتين و هي الإنسان و يطلق على المملوك ذكرا كان أو أنثى و يمكن أن يراد به هنا جميع الخلائق من الناس و غيرهم‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 273
الباب الخامس فيما يعمل ما بين وقت النوم إلى انتصاف الليل‏
أول ما تعمله عند إرادة النوم الطهارة-
رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ مَنْ تَطَهَّرَ ثُمَّ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ بَاتَ وَ فِرَاشُهُ كَمَسْجِدِهِ‏
. و قد ذكر علماؤنا قدس الله أرواحهم أن غير القادر على الماء يجوز له التيمم للنوم كالتيمم لصلاة الجنازة.
وَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ عِنْدَ النَّوْمِ قِرَاءَةُ سُورَةِ التَّوْحِيدِ وَ الْجَحْدِ رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ أَيْضاً فِي الْفَقِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ‏
.- وَ وَرَدَ أَيْضاً عَنْ أَصْحَابِ الْعِصْمَةِ ع قِرَاءَةُ سُورَةِ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 274
التَّوْحِيدِ مِائَةَ مَرَّةٍ-
كَمَا رَوَاهُ ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ خَمْسِينَ عَاماً
وَ رَوَى فِيهِ أَيْضاً عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ قَرَأَ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ عِنْدَ النَّوْمِ وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ
. و ينبغي أن تدعو إذا اضطجعت‏
بِمَا رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع إِذَا تَوَسَّدَ الرَّجُلُ يَمِينَهُ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَ وَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَ أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ وَ تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ رَهْبَةً مِنْكَ وَ رَغْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَ لَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ثُمَّ تُسَبِّحُ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ ع هَذَا آخِرُ الْحَدِيثِ‏
.                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 275
 و اعلم أن المشهور استحباب تسبيح الزهراء ع في وقتين أحدهما بعد الصلاة و الآخر عند النوم و ظاهر الرواية الواردة به عند النوم تقتضي تقديم التسبيح على التحميد و ظاهر الرواية الصحيحة الواردة في تسبيح الزهراء ع على الإطلاق يقتضي تأخيره عنه.
و لا بأس ببسط الكلام في هذا المقام و إن كان خارجا عن موضوع الكتاب فنقول قد اختلف علماؤنا قدس الله تعالى أرواحهم في ذلك مع اتفاقهم على الابتداء بالتكبير لصراحة صحيحة ابن سنان عن الصادق ع في الابتداء به فالمشهور الذي عليه العمل في التعقيبات تقديم التحميد على التسبيح و قال رئيس المحدثين و أبوه و ابن الجنيد بتأخيره عنه و الروايات عن أئمة الهدى ع لا تخلو بحسب الظاهر من اختلاف و الروايات المعتبرة التي ظاهرها تقديم التحميد شاملة بإطلاقها لما يفعل بعد الصلاة و ما يفعل عند النوم و هي‏
مَا رَوَاهُ شَيْخُ الطَّائِفَةِ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 276
فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَسَأَلَهُ أَبِي عَنْ تَسْبِيحِ الزَّهْرَاءِ ع فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى أَحْصَى أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَتَّى بَلَغَ سَبْعاً وَ سِتِّينَ مَرَّةً ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ حَتَّى بَلَغَ مِائَةَ مَرَّةٍ يُحْصِيهَا بِيَدِهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً
. و الرواية التي ظاهرها تقديم التسبيح على التحميد مختصة بما يفعل عند النوم و هي‏
مَا رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ أَ لَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَ عَنْ فَاطِمَةَ ع إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدِي فَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا وَ طَحَنَتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا وَ كَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا فَأَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ شَدِيدٌ فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنْ [هَذَا] الْعَمَلِ فَأَتَتِ النَّبِيَّ ص فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ أَحْدَاثاً فَاسْتَحْيَتْ وَ انْصَرَفَتْ فَعَلِمَ ع أَنَّهَا جَاءَتْ لِحَاجَةٍ فَغَدَا عَلَيْنَا وَ نَحْنُ فِي‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 277
لِحَافِنَا فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَسَكَتْنَا وَ اسْتَحْيَيْنَا لِمَكَانِنَا ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَسَكَتْنَا وَ اسْتَحْيَيْنَا لِمَكَانِنَا ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَخَشِينَا إِنْ لَمْ نَرُدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ وَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ يُسَلِّمُ ثَلَاثاً فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَ إِلَّا انْصَرَفَ فَقُلْتُ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْخُلْ فَدَخَلَ وَ جَلَسَ عِنْدَ رُءُوسِنَا وَ قَالَ يَا فَاطِمَةُ مَا كَانَتْ حَاجَتُكِ أَمْسِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ تُجِبْهُ أَنْ يَقُومَ فَأَخْرَجْتُ رَأْسِي وَ قُلْتُ وَ اللَّهِ أَنَا أُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّهَا اسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي صَدْرِهَا وَ جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى مَجِلَتْ يَدَاهَا وَ كَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا وَ أَوْقَدَتْ تَحْتَ الْقِدْرِ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا فَقُلْتُ لَهَا لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ خَادِماً يَكْفِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ فَقَالَ ص أَ فَلَا أُعَلِّمُكُمَا مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنَ الْخَادِمِ إِذَا أَخَذْتُمَا مَنَامَكُمَا فَكَبِّرَا أَرْبَعاً
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 278
وَ ثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً وَ سَبِّحَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ وَ احْمَدَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ فَأَخْرَجَتْ فَاطِمَةُ ع رَأْسَهَا وَ قَالَتْ رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏
. و لا بأس بإيضاح بعض ما تضمنه هذا الحديث حتى مجلت يداها يقال مجلت يده بفتح الجيم و كسرها إذا حصلت فيها من شدة العمل نفاطة و هي التي يقال لها بالفارسية آبلة و كسحت البيت بالمهملتين أي كنسته و دكنت ثيابها بالدال المهملة و الكاف المكسورة و النون أي اسودت لو أتيت أباك جواب لو محذوف لدلالة المقام عليه فسألته خادما الخادم يطلق على الغلام و الجارية يستوي فيه المذكر و المؤنث يكفيك حر ما أنت فيه الحر بالمهملتين بمعنى التعب و الشدة و وجدت عنده أحداثا يقال رجل حدث بفتح الدال أي شاب و أحداث جمعه هذا و لا يخفى أن هذه الرواية غير صريحة في تقديم التسبيح على التحميد فإن الواو لا تفيد الترتيب و إنما هي لمطلق الجمع على الأصح كما بين في الأصول نعم ظاهر التقديم اللفظي يقتضي ذلك و كذا الرواية السابقة غير صريحة في تقديم التحميد
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 279
على التسبيح فإن لفظة ثم فيها من كلام الراوي فلم يبق إلا ظاهر التقديم اللفظي أيضا فالتنافي بين الروايتين إنما هو بحسب الظاهر فينبغي حمل الثانية على الأولى لصحة سندها و اعتضادها ببعض الروايات الضعيفة-
كَمَا رَوَاهُ أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ فِي تَسْبِيحِ الزَّهْرَاءِ ع تَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً ثُمَّ التَّحْمِيدِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ ثُمَّ التَّسْبِيحِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ‏
. و هذه الرواية صريحة في تقديم التحميد فهي مؤيدة لظاهر لفظ الرواية الصحيحة فتحمل الرواية الأخرى على خلاف ظاهر لفظها ليرتفع التنافي بينهما كما قلنا.
فإن قلت يمكن العمل بظاهر الروايتين معا تحمل الأولى على الذي يفعل بعد الصلاة و الثانية على الذي يفعل عند
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 280
النوم و حينئذ لا يحتاج إلى صرف الثانية عن ظاهرها فلم عدلت عنه و كيف لم تقل به قلت لأني لم أجد قائلا بالفرق بين تسبيح الزهراء ع في الحالين بل الذي يظهر بعد التتبع أن كلا من الفريقين القائلين بتقديم التحميد و تأخيره قائل به مطلقا سواء وقع بعد الصلاة أو قبل النوم.
فالقول بالتفصيل إحداث قول ثالث في مقابل الإجماع المركب.
و أما ما يقال من أن إحداث القول الثالث إنما يمتنع إذا لزم منه رفع ما اجتمعت عليه الأمة كما يقال في رد البكر الموطوءة بعيب مجانا لاتفاق الكل على عدمه بخلاف ما ليس كذلك كالقول بفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون بعض لموافقة كل من الشطرين في شطر و كما نحن فيه إذ لا مانع منه مثل القول بصحة بيع الغائب و عدم قتل المسلم بالذمي بعد قول أحد الشطرين بالثاني و نقيض الأول‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 281
و الشطر الثاني بعكسه فجوابه أن هذا التفصيل إنما يستقيم على مذهب العامة كما ذكرته في زبدة الأصول أما على ما قرره الخاصة من أن حجية الإجماع مسببة عن كشفه عن دخول المعصوم فلا إذ مخالفته حاصلة و إن وافق القائل كلا من الشطرين في شطر و قس عليه مثال البيع و القتل.
 [فصل في آداب النوم‏]
فصل و ينبغي أن يكون اضطجاعك على جانبك الأيمن فإنه نوم المؤمنين-
كَمَا رَوَاهُ ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْحَسَنَ الْعَسْكَرِيَّ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي مُغْتَمٌّ لِشَيْ‏ءٍ يُصِيبُنِي فِي نَفْسِي وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ أَبَاكَ ع عَنْهُ فَلَمْ يُقْضَ لِي ذَلِكَ فَقَالَ وَ مَا هُوَ يَا أَحْمَدُ فَقُلْتُ رُوِيَ لَنَا عَنْ آبَائِكَ ع أَنَّ نَوْمَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ وَ نَوْمَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَيْمَانِهِمْ وَ نَوْمَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى شَمَائِلِهِمْ وَ نَوْمَ الشَّيَاطِينِ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَقَالَ ع كَذَلِكَ هُوَ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي فَإِنِّي أَجْهَدُ أَنْ أَنَامَ عَلَى يَمِينِي فَمَا يُمْكِنُنِي وَ لَا يَأْخُذُنِي النَّوْمُ عَلَيْهَا فَسَكَتَ سَاعَةً فَقَالَ يَا أَحْمَدُ ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ أَدْخِلْ يَدَكَ تَحْتَ ثِيَابِكَ فَأَدْخَلْتُهَا فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ فَمَسَحَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى جَانِبِي‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 282
الْأَيْسَرِ وَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى جَانِبِيَ الْأَيْمَنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ أَحْمَدُ فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَنَامَ عَلَى يَسَارِي مُنْذُ فَعَلَ ذَلِكَ بِي ع وَ لَا يَأْخُذُنِي عَلَيْهَا نَوْمٌ أَصْلًا
وَ مِمَّا يُدْعَى بِهِ عِنْدَ الِاضْطِجَاعِ مَا رَوَاهُ ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا فَقَهَرَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَطَنَ فَخَبَرَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَلَكَ فَقَدَرَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُحْيِ الْمَوْتى‏ وَ يُمِيتُ الْأَحْيَاءَ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَهَيْئَةٍ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ‏
وَ رُوِيَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عِنْدَ مَنَامِهِ قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ

                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 283
رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً سَطَعَ لَهُ نُورٌ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَشْوُ ذَلِكَ النُّورِ مَلَائِكَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ‏
وَ رُوِيَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضاً عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَقْرَأُ آخِرَ الْكَهْفِ حِينَ يَنَامُ إِلَّا اسْتَيْقَظَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يُرِيدُ
قلت هذا من الأسرار العجيبة المجربة التي لا شك فيها و المراد بآخر الكهف الآية الأخيرة منها أعني الآية المقدمة
وَ إِذَا خِفْتَ مِنْ عَقْرَبٍ أَوْ نَحْوِهَا فَقُلْ مَا رَوَاهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنِ الْبَاقِرِ [الصَّادِقِ‏] أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا تُصِيبَهُ عَقْرَبٌ وَ لَا هَامَّةٌ حَتَّى يُصْبِحَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ وَ مِنْ شَرِّ مَا بَرَأَ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏

                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 284
وَ رُوِيَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ لِدَفْعِ الِاحْتِلَامِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ إِذَا خِفْتَ الْجَنَابَةَ فَقُلْ فِي فِرَاشِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الِاحْتِلَامِ وَ مِنْ شَرِّ [سُوءِ] الْأَحْلَامِ وَ مِنْ أَنْ يَتَلَاعَبَ بِيَ الشَّيْطَانُ فِي الْيَقَظَةِ وَ الْمَنَامِ‏
وَ رُوِيَ فِيهِ أَيْضاً لِلْأَمْنِ مِنْ أَنْ يَسْقُطَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ‏
وَ رُوِيَ فِيهِ أَيْضاً أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 285
بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَ إِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَ مَا أَمَاتَنِي وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ

وَ رُوِيَ فِيهِ أَيْضاً عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ إِذَا سَمِعْتَ صَوْتَ الدِّيكِ فَقُلْ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ سَبَقَتْ رَحْمَتُكَ [سَبَقْتَ بِرَحْمَتِكَ‏] غَضَبَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ‏
وَ مِمَّا يَنْبَغِي فِعْلُهُ عِنْدَ النَّوْمِ الِاكْتِحَالُ‏
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْوِيَ إِلَى فِرَاشِهِ‏
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَصَابَهُ ضَعْفٌ فِي بَصَرِهِ فَلْيَكْتَحِلْ سَبْعَ مَرَاوِدَ عِنْدَ مَنَامِهِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 286
مِنَ الْإِثْمِدِ أَرْبَعٌ فِي الْيُمْنَى وَ ثَلَاثٌ فِي الْيُسْرَى‏
وَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ الْكُحْلُ عِنْدَ النَّوْمِ أَمَانٌ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ فِي الْعَيْنِ‏
وَ رُوِيَ أَنَّهُ يُدْعَى بِهَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَ الِاكْتِحَالِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ النُّورَ فِي بَصَرِي وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي وَ الْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي وَ السَّلَامَةَ فِي نَفْسِي وَ السَّعَةَ فِي رِزْقِي وَ الشُّكْرَ لَكَ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي‏
وَ رَوَى ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ إِذَا رَأَى الرَّجُلُ مَا يَكْرَهُ فِي مَنَامِهِ فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ شِقِّهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ نَائِماً وَ لْيَقْرَأْ إِنَّمَا النَّجْوى‏ مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ثُمَّ لْيَقُلْ عُذْتُ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 287
الْمُقَرَّبُونَ وَ أَنْبِيَاؤُهُ الْمُرْسَلُونَ وَ عِبَادُهُ الصَّالِحُونَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ وَ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 289
الباب السادس فيما يعمل ما بين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر
و فيه مقدمة و فصول‏
مقدمة
قد تظافرت الروايات عن أصحاب العصمة ع في قيام الليل و بيان فضله‏
رَوَى ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ وَ عِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ‏
وَ رَوَى فِيهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ ثَلَاثٌ هُنَّ فَخْرُ الْمُؤْمِنِ وَ زِينَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ الصَّلَاةُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَ يَأْسُهُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ وَلَايَةُ الْإِمَامِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص‏
وَ رَوَى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 290
فِيهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَيْضاً عَنْهُ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قَالَ كَانَ أَقَلُّ اللَّيَالِي تَفُوتُهُمْ لَا يَقُومُونَ فِيهَا
وَ رَوَى فِيهِ أَيْضاً أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ إِنِّي حُرِمْتُ صَلَاةَ اللَّيْلِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ‏
وَ رَوَى شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا قَالَ قِيَامُهُ عَنْ فِرَاشِهِ لَا يُرِيدُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى‏
وَ رَوَى طَابَ ثَرَاهُ فِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَيْضاً عَنْهُ ع‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 291
أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلَّا يُوقَظُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ قَامَ كَانَ ذَلِكَ وَ إِلَّا فَحَّجَ الشَّيْطَانُ فَبَالَ فِي أُذُنِهِ أَ وَ لَا يَرَى أَحَدُكُمْ أَنَّهُ إِذَا قَامَ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ قَامَ وَ هُوَ مُتَخَثِّرٌ ثَقِيلٌ كَسْلَانُ‏
وَ رَوَى فِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَيْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي وَ يَدْعُو اللَّهَ فِيهَا إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَأَيَّةُ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ إِذَا مَضَى نِصْفُ اللَّيْلِ إِلَى الثُّلُثِ الْبَاقِي‏
وَ رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّهُ سَأَلَ الصَّادِقَ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قَالَ هُوَ السَّهَرُ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 292
فِي الصَّلَاةِ
و الروايات عن أصحاب العصمة ع في قيام الليل كثيرة.
و لنبين بعض ما يحتاج إلى البيان في هذه المقدمة إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ قد تفسر الناشئة بالنفس التي تنشأ من مضجعها للعبادة و هو قريب مما ذكره ع و أَشَدُّ وَطْئاً أي أشد كلفة أو ثبات قدم و قرأ بعض السبعة وطاء بالمد أي مواطأة القلب اللسان لما فيها من الإخلاص وَ أَقْوَمُ قِيلًا أي أشد [أسد] قولا لحضور القلب في ذلك الوقت و إلا فحج الشيطان بالحاء المهملة و الجيم [المهملة] نوع من المشي ردي‏ء و هو أن يتقارب صدر القدمين و يتباعد العقبان و هو كناية عن سوء الجيئة و رداءتها كما أن البول في الأذن كناية عن تلاعب الشيطان به متخثر بالتاء [المثناة] الفوقانية و الخاء المعجمة و الثاء المثلثة و قوله ع ثقيل كسلان كالمفسر له‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 293
 [فصل في العمل بعد الانتباه من النوم‏]
فصل فإذا انتبهت من نومك فأول ما ينبغي لك فعله أن تسجد لله تعالى‏
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ إِذَا انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ يَسْجُدُ
. ثُمَّ قُلْ فِي سُجُودِكَ أَوْ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِكَ مِنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَ مَا أَمَاتَنِي وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي لِأَحْمَدَهُ وَ أَعْبُدَهُ‏
وَ رَوَى ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ الْبَاقِرِ ع إِذَا قُمْتَ بِاللَّيْلِ فَانْظُرْ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يُوَارِي عَنْكَ لَيْلٌ سَاجٍ وَ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ لَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ وَ لَا ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ وَ لَا بَحْرٌ لُجِّيٌّ تُدْلِجُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُدْلِجِ مِنْ خَلْقِكَ تَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ غَارَتِ النُّجُومُ وَ نَامَتِ الْعُيُونُ وَ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 294
تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ سُبْحَانَ [سُبْحَانَكَ رَبِ‏] [وَ سُبْحَانَ رَبِ‏] اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهِ الْمُسْلِمِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ثُمَّ اقْرَأِ الْآيَاتِ الْخَمْسَ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ-

                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 295
أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى‏ رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ الْحَدِيثَ‏
توضيح لا يواري عنك ليل ساج أي لا يستر عنك من المواراة و هي الستر- و ساج بالسين المهملة و آخره جيم اسم فاعل من سجا بمعنى ركد و استقر و المراد ليل راكد ظلامه مستقر قد بلغ غايته و لا أرض ذات مهاد بكسر أوله جمع ممهود أي ذات أمكنة مستوية ممهدة و لا بحر لجي بضم اللام و قد تكسر و تشديد الجيم المكسورة و الياء المشددة أي عظيم تدلج بين يدي المدلج الإدلاج السير بالليل و ربما يختص بالسير في أوله و ربما يطلق الإدلاج على العبادة في‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 296
الليل مجازا لأن العبادة سير إلى الله تعالى و قد فسر بذلك‏
قَوْلُ النَّبِيِّ ص مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَ مَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ‏
. و معنى تدلج بين يدي المدلج أن رحمتك و توفيقك و إعانتك لمن توجه إليك و عبدك صادرة عنك قبل توجهه إليك و عبادته لك إذ لو لا رحمتك و توفيقك و إيقاعك ذلك في قلبه لم يخطر ذلك بباله فكأنك سريت إليه قبل أن يسري هو إليك تعلم خائِنَةَ الْأَعْيُنِ قد تقدم تفسيره في الباب الثاني و غارت النجوم أي تسفلت و أخذت في الهبوط و الانخفاض بعد ما كانت آخذة في الصعود و الارتفاع و اللام للعهد و يجوز أن يكون بمعنى غابت و السنة بالكسر مبادئ النوم و قد تقدم في الباب الأول وجه تقديمها على النوم مع أن القياس في النفي الترقي من الأعلى إلى الأدنى لَآياتٍ أي علامات عظيمة أو كثيرة دالة على كمال القدرة لِأُولِي الْأَلْبابِ أي لذوي العقول الكاملة و سمي العقل لبا لأنه أنفس ما في الإنسان فما عداه كأنه‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 297
قشر وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال المفسرون في هذا دلالة على شرف علم الهيئة رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا أي قائلين حال تفكرهم في تلك المخلوقات العجيبة الشأن ربنا ما خلقت هذا عبثا سُبْحانَكَ أي ننزهك عن فعل العبث تنزيها فَقِنا عَذابَ النَّارِ لما كان خلق هذه الأشياء لحكم و مصالح منها أن يكون سببا لمعاش الإنسان و دليلا يدله على معرفة الصانع و يحثه على طاعته و القيام بوظائف عباداته لينال الفوز الأبدي و الإنسان مخل في الأغلب بذلك حسن التفريع على الكلام السابق مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ قال بعض المفسرين فيه إشعار بأن العذاب الروحاني أشد من العذاب الجسماني إذ الخزي فضيحة و حقارة نفسانية رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ المراد به الرسول ص و قيل القرآن رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا المراد بها الكبائر وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا المراد بها الصغائر أي اجعلها مكفرة عنا بتوفيقنا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 298
لاجتناب الكبائر وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ أي في زمرتهم رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى‏ رُسُلِكَ أي على تصديقهم أو على ألسنتهم‏
 [فصل في وقت انتصاف الليل و مسائل مرتبطة بنافلة الليل‏]
فصل فإذا انتصف الليل فقد دخل وقت صلاة الليل و قد يعبر عن انتصاف الليل بالزوال أيضا-
رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ حَنْظَلَةَ سَأَلَ الصَّادِقَ ع فَقَالَ زَوَالُ النَّهَارِ نَعْرِفُهُ بِالنَّهَارِ فَكَيْفَ لَنَا بِاللَّيْلِ فَقَالَ ع لِلَّيْلِ زَوَالٌ كَزَوَالِ الشَّمْسِ قَالَ فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ نَعْرِفُهُ قَالَ بِالنُّجُومِ إِذَا انْحَدَرَتْ‏
. و الظاهر أنه ع أراد بالنجوم النجوم التي طلعت عند غروب الشمس كما قاله شيخنا الشهيد رحمه الله و المراد بانحدارها شروعها في الانخفاض و صلاة الليل تطلق في الأحاديث تارة على الثمان و أخرى على الإحدى عشرة بإضافة الشفع و مفردة الوتر و أخرى على الثلاث عشرة بإضافة ركعتي الفجر و هي من النوافل المؤكدة-
رَوَى شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ كَانَ فِي وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ ع يَا عَلِيُّ أُوصِيكَ فِي نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا ثُمَّ قَالَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 299
اللَّهُمَّ أَعِنْهُ وَ ذَكَرَ جُمْلَةً مِنَ الْخِصَالِ إِلَى أَنْ قَالَ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ‏
. و الظاهر أنه ص أراد بصلاة الليل الثلاث عشرة ركعة و بصلاة الزوال الركعات الثمان التي هي نافلة الزوال كما قاله بعض علمائنا.
 [فصل في آداب التخلي‏]
فإذا أردت التوجه إلى العبادة و كان لك حاجة إلى التخلي فابدأ به أولا فإذا أردت الدخول إلى الخلاء فإن كان في نقش خاتمك أو معك اسم محترم فلا تدخله معك و كذا الدراهم البيض غير المصرورة ثم قدم رجلك اليسرى عند أول دخولك إن كان بيتا-
وَ إِنْ تَخَلَّيْتَ فِي فَضَاءٍ كَالصَّحْرَاءِ وَ نَحْوِهَا فَقَدِّمْهَا فِي مَوْضِعِ جُلُوسِكَ وَ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏
.                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 300
 و اختر إن تخليت في فضاء موضعا لا يرى فيه شخصك.
و ليكن اعتمادك في حال التخلي على رجلك اليسرى و ينبغي تفريج اليمنى و لا تطل الجلوس و لا تتكلم إلا لحاجة تخاف فوتها أو قراءة آية الكرسي أو الحمد لله رب العالمين أو حكاية الأذان أو ذكر الله سبحانه-
وَ امْسَحْ بَطْنَكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ بِيَدِكَ الْيُمْنَى قَائِماً قَائِلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاطَ عَنِّي الْأَذَى وَ هَنَّأَنِي طَعَامِي وَ شَرَابِي وَ عَافَانِي مِنَ الْبَلْوَى‏
. و استبرئ بأن تضع الوسطى عند المقعدة و تمسح بها إلى أصل القضيب ثلاثا ثم تضع السبابة تحته و الإبهام فوقه و تنتره ثلاثا و تعصر الحشفة ثلاثا و تنحنح في حال الاستبراء-
وَ إِذَا أَرَدْتَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ فَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُوراً وَ لَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً
. و استنج بيسارك في الماء و غيره فإن كان فيها خاتم‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 301
فصه من حجر زمزم فانزعه و ليكن غسل المقعدة ببنصرها و لا تمس ذكرك بيمينك و آثر في غير المتعدي من الغائط الماء على استجمار و الجمع بينهما مع التعدي و غيره أولى و اغسل مخرج الغائط إلى أن تحس بالصرير-
وَ قُلْ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي وَ أَعِفَّهُ وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ حَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ
. و قدم غسل الدبر على القبل و أوتر عدد الأحجار إن لم ينق بالثلاث و استوعب المحل بكل حجر على سبيل الإدارة عليه فإذا خرجت من الخلاء فقدم رجلك اليمنى-
وَ قُلْ عِنْدَ الْخُرُوجِ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 302
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَرَّفَنِي لَذَّتَهُ وَ أَبْقَى فِي جَسَدِي قُوَّتَهُ وَ أَخْرَجَ عَنِّي أَذَاهُ يَا لَهَا نِعْمَةً يَا لَهَا نِعْمَةً يَا لَهَا نِعْمَةً لَا يَقْدِرُ الْقَادِرُونَ [قَدْرَهَا] عَدَّهَا
 [فصل الدعاء في جوف الليل و آداب صلاة الليل‏]
فصل فإذا خرجت من الخلاء فابدأ بالسواك ثم توضأ الوضوء الكامل كما مر في الباب الأول ثم تطيب-
فَقَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ص مُمَسَّكَةٌ إِذَا هُوَ تَوَضَّأَ أَخَذَهَا بِيَدِهِ وَ هِيَ رَطْبَةٌ
وَ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضاً ص أَنَّهُ قَالَ رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مُتَعَطِّرٌ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً يُصَلِّيهَا غَيْرُ مُتَعَطِّرٍ
. و اعلم أن التعطر مستحب لكل صلاة و كل دعاء و ليس مختصا بصلاة الليل و أدعيته.
فإذا توضأت و تعطرت فاجلس مستقبل القبلة-
ثُمَّ ادْعُ بِدُعَاءِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع الَّذِي كَانَ يَدْعُو بِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 303
إِلَهِي غَارَتْ نُجُومُ سَمَائِكَ وَ نَامَتْ عُيُونُ أَنَامِكَ وَ هَدَأَتْ أَصْوَاتُ عِبَادِكَ وَ أَنْعَامِكَ وَ غَلَّقَتِ الْمُلُوكُ عَلَيْهَا أَبْوَابَهَا وَ طَافَ عَلَيْهَا حُرَّاسُهَا [حُجَّابُهَا] وَ احْتُجِبُوا عَمَّنْ يَسْأَلُهُمْ حَاجَةً أَوْ يَنْتَجِعُ مِنْهُمْ فَائِدَةً وَ أَنْتَ إِلَهِي حَيٌّ قَيُّومٌ لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ وَ لَا يَشْغَلُكَ شَيْ‏ءٌ عَنْ شَيْ‏ءٍ أَبْوَابُ سَمَائِكَ لِمَنْ دَعَاكَ مُفَتَّحَاتٌ وَ خَزَائِنُكَ غَيْرُ مُغْلَقَاتٍ وَ أَبْوَابُ رَحْمَتِكَ غَيْرُ مَحْجُوبَاتٍ وَ فَوَائِدُكَ لِمَنْ سَأَلَكَ غَيْرُ مَحْظُورَاتٍ بَلْ هِيَ مَبْذُولَاتٌ أَنْتَ إِلَهِي [إِلَهِي أَنْتَ‏] الْكَرِيمُ الَّذِي لَا تَرُدُّ سَائِلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سَأَلَكَ وَ لَا تَحْتَجِبُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَرَادَكَ لَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 304
وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ وَ لَا تُخْتَزَلُ حَوَائِجُهُمْ دُونَكَ وَ لَا يَقْضِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ تَرَانِي وَ وُقُوفِي وَ ذُلَّ مَقَامِي بَيْنَ يَدَيْكَ وَ تَعْلَمُ سَرِيرَتِي وَ تَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي قَلْبِي وَ مَا يُصْلِحُ بِهِ أَمْرَ آخِرَتِي وَ دُنْيَايَ اللَّهُمَّ إِنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ أَهْوَالِ الْمُطَّلَعِ وَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ نَغَّصَنِي مَطْعَمِي وَ مَشْرَبِي وَ أَغَصَّنِي بِرِيقِي أَقْلَقَنِي عَنْ وِسَادِي وَ مَنَعَنِي رُقَادِي كَيْفَ يَنَامُ مَنْ يَخَافُ مَلَكَ الْمَوْتِ فِي طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَ طَوَارِقِ النَّهَارِ بَلْ كَيْفَ يَنَامُ الْعَاقِلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ لَا يَنَامُ لَا بِاللَّيْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ وَ يَطْلُبُ رُوحَهُ [قَبْضَ رُوحِهِ‏] بِالْبَيَاتِ وَ فِي آنَاءِ السَّاعَاتِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 305
وَ كَانَ ع يَسْجُدُ بَعْدَ هَذَا الدُّعَاءِ وَ يُلْصِقُ خَدَّهُ بِالتُّرَابِ وَ يَقُولُ أَسْأَلُكَ الرَّوْحَ وَ الرَّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ الْعَفْوَ عَنِّي حِينَ أَلْقَاكَ.
وَ كَانَ ع يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ فِي الثَّانِيَةِ بِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِالتَّكْبِيرِ وَ يَدْعُو
. و أنت إذا صليت هاتين الركعتين فيحسن أن تدعو بهذا الدعاء الذي‏
رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي كِتَابِ الْأَمَالِي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع يَدْعُو بِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِلَهِي كَمْ مِنْ مُوبِقَةٍ حَلُمْتَ عَنْ مُقَابَلَتِهَا بِنَقِمَتِكَ [بِنِعْمَتِكَ‏] وَ كَمْ مِنْ جَرِيرَةٍ تَكَرَّمْتَ عَنْ كَشْفِهَا بِكَرَمِكَ إِلَهِي إِنْ طَالَ فِي عِصْيَانِكَ عُمُرِي وَ عَظُمَ فِي الصُّحُفِ ذَنْبِي فَمَا أَنَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 306
بِمُؤَمِّلٍ [مُؤَمِّلٌ‏] غَيْرَ غُفْرَانِكَ وَ لَا أَنَا رَاجٍ [بِرَاجٍ‏] غَيْرَ رِضْوَانِكَ إِلَهِي أُفَكِّرُ فِي عَفْوِكَ فَتَهُونُ عَلَيَّ خَطِيئَتِي ثُمَّ أَذْكُرُ الْعَظِيمَ مِنْ أَخْذِكَ فَتَعْظُمُ عَلَيَّ بَلِيَّتِي آهِ إِنْ أَنَا قَرَأْتُ فِي الصُّحُفِ [الصَّحِيفَةِ] سَيِّئَةً أَنَا نَاسِيهَا وَ أَنْتَ مُحْصِيهَا فَتَقُولُ خُذُوهُ فَيَا لَهُ مِنْ مَأْخُوذٍ لَا تُنْجِيهِ عَشِيرَتُهُ وَ لَا تَنْفَعُهُ قَبِيلَتُهُ آهِ مِنْ نَارٍ تُنْضِجُ الْأَكْبَادَ وَ الْكُلَى آهِ مِنْ نَارٍ نَزَّاعَةٍ لِلشَّوَى آهِ مِنْ غَمْرَةٍ مِنْ لَهَبَاتِ لَظَى‏
. ثم ابك بعد هذا الدعاء و ادع بما شئت ثم قم إلى صلاة الليل و قد أجمع علماؤنا على أن أول وقتها انتصاف الليل و أنها كلما قربت من الفجر الثاني كانت أفضل من تقديمها.
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 307
فإن طلع و قد تلبس بأربع أتمها مخففة بالحمد أداء و المشهور جواز تقديمها على الانتصاف لذي العذر و قضاؤها أفضل من تقديمها
فَإِذَا أَرَدْتَ الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَ آلِهِ وَ أُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوَائِجِي فَاجْعَلْنِي بِهِمْ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِهِمْ وَ لَا تُعَذِّبْنِي بِهِمْ وَ اهْدِنِي بِهِمْ وَ لَا تُضِلَّنِي بِهِمْ وَ ارْزُقْنِي بِهِمْ وَ لَا تَحْرِمْنِي بِهِمْ وَ اقْضِ لِي حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ وَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏

ثم تفتتح الركعة الأولى بالتكبيرات السبع مع أدعيتها الثلاث و الأفضل أن تقرأ فيها بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة و في الثانية سورة الجحد و في الركعات الست الباقية السور الطوال مثل سورة الأنعام و الكهف‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 308
و الأنبياء و يس و الحواميم و ما أشبهها في الطول و يجوز لك في كل النوافل قراءة السورة من المصحف و إن كنت تحفظ غيرها أما في الفرائض فلا إلا مع عدم الحفظ.
و قيل بالجواز فيها مطلقا و هو ضعيف و لو ضاق وقتك عن السور الطوال كفاك الحمد و التوحيد في كل ركعة و لك الاقتصار على الحمد وحدها كسائر النوافل.
و اعلم أنه قد اتفق علماؤنا على أن القنوت كما يستحب في الفرائض يستحب في كل ثانية من النوافل أيضا-
رَوَى ذَلِكَ ثِقَةُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَافِي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ يُجْزِيكَ مِنْهُ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا وَ عَافِنَا وَ اعْفُ عَنَّا فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ

                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 309
كَمَا رَوَاهُ فِي الْكَافِي أَيْضاً عَنْهُ ع بِسَنَدٍ حَسَنٍ‏
و روي الاجتزاء بثلاث تسبيحات و يستحب الجهر به و لو في نوافل النهار و ينبغي تطويله و لا سيما في صلاة الليل فإن وقتك فيها وسيع-
وَ قَدْ رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ أَطْوَلُكُمْ قُنُوتاً فِي دَارِ الدُّنْيَا أَطْوَلُكُمْ رَاحَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
. و قد أورد السيد الجليل رضي الدين علي بن طاوس قدس الله روحه في كتاب مهج الدعوات نبذة من القنوتات الطويلة التي كان [كانت‏] يقنت بها أئمتنا ع و يدعون فيها على أعداء الدين و لا بأس بأن تقنت في النوافل بما تقرأه من كتاب و نحوه و إنما يمنع من ذلك في الفرائض‏
وَ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي يَلِيقُ أَنْ تَقْنُتَ بِهَا فِي النَّوَافِلِ وَ الْفَرَائِضِ مَا رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع إِلَهِي كَيْفَ أَدْعُوكَ وَ قَدْ عَصَيْتُكَ وَ كَيْفَ لَا أَدْعُوكَ وَ قَدْ عَرَفْتُ حُبَّكَ فِي قَلْبِي وَ إِنْ كُنْتُ عَاصِياً مَدَدْتُ إِلَيْكَ يَداً بِالذُّنُوبِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 310
مَمْلُوءَةً وَ عَيْناً بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَةً مَوْلَايَ أَنْتَ عَظِيمُ الْعُظَمَاءِ وَ أَنَا أَسِيرُ الْأُسَرَاءِ أَنَا الْأَسِيرُ بِذَنْبِي الْمُرْتَهَنُ بِجُرْمِي إِلَهِي لَئِنْ طَالَبَتْنِي بِذَنْبِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ وَ لَئِنْ طَالَبْتَنِي بِجَرِيرَتِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ وَ لَئِنْ أَمَرْتَ بِي إِلَى النَّارِ لَأُخْبِرَنَّ أَهْلَهَا أَنِّي كُنْتُ أَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنَّ الطَّاعَةَ تَسُرُّكَ وَ الْمَعْصِيَةَ لَا تَضُرُّكَ فَهَبْ لِي مَا يَسُرُّكَ وَ اغْفِرْ لِي مَا لَا يَضُرُّكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ‏
وَ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ الَّتِي يَلِيقُ أَنْ يُدْعَى بِهَا فِي الْقُنُوتِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 311
أَيْضاً وَ هُوَ مِنْ أَدْعِيَةِ الْوَسَائِلِ إِلَى الْمَسَائِلِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الرِّضَا ع اللَّهُمَّ إِنَّ الرَّجَاءَ لِسَعَةِ رَحْمَتِكَ أَنْطَقَنِي بِاسْتِقَالَتِكَ وَ الْأَمَلَ لِأَنَاتِكَ وَ رِفْقِكَ شَجَّعَنِي عَلَى طَلَبِ أَمَانِكَ وَ عَفْوِكَ وَ لِي يَا رَبِّ ذُنُوبٌ قَدْ وَاجَهَتْهَا أَوْجُهُ الِانْتِقَامِ وَ خَطَايَا قَدْ لَاحَظَتْهَا أَعْيُنُ الِاصْطِلَامِ وَ اسْتَوْجَبْتُ بِهَا عَلَى عَدْلِكَ أَلِيمَ الْعَذَابِ وَ اسْتَحْقَقْتُ بِاجْتِرَاحِهَا مُبِيرَ الْعِقَابِ وَ خِفْتُ تَعْوِيقَهَا لِإِجَابَتِي وَ رَدَّهَا إِيَّايَ عَنْ قَضَاءِ حَاجَتِي بِإِبْطَالِهَا لِطَلِبَتِي وَ قَطْعِهَا لِأَسْبَابِ رَغْبَتِي مِنْ أَجْلِ مَا أَنْقَضَ ظَهْرِي مِنْ ثِقْلِهَا وَ بَهَظَنِي مِنَ الِاسْتِقْلَالِ بِحَمْلِهَا ثُمَّ تَرَاجَعْتُ رَبِّي إِلَى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 312
حِلْمِكَ عَنِ الْخَاطِئِينَ وَ عَفْوِكَ عَنِ الْمُذْنِبِينَ وَ رَحْمَتِكَ لِلْعَاصِينَ فَأَقْبَلْتُ بِثِقَتِي مُتَوَكِّلًا عَلَيْكَ طَارِحاً نَفْسِي بَيْنَ يَدَيْكَ شَاكِياً بَثِّي إِلَيْكَ سَائِلًا مَا لَا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْ تَفْرِيجِ الْهَمِّ وَ مَا لَا أَسْتَحِقُّهُ مِنْ تَنْفِيسِ الْغَمِّ مُسْتَقِيلًا [مُسْتَقْبِلًا] إِيَّاكَ وَاثِقاً مَوْلَايَ بِكَ اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيَّ بِالْفَرَجِ وَ تَطَوَّلْ عَلَيَّ بِسُهُولَةِ الْمَخْرَجِ وَ ادْلُلْنِي بِرَأْفَتِكَ عَلَى سَمْتِ الْمَنْهَجِ وَ أَزْلِقْنِي بِرَحْمَتِكَ [بِقُدْرَتِكَ‏] عَنِ الطَّرِيقِ الْأَعْوَجِ وَ خَلِّصْنِي مِنْ سِجْنِ الْكَرْبِ بِإِقَالَتِكَ وَ أَطْلِقْ أَسْرِي بِرَحْمَتِكَ وَ طُلْ عَلَيَّ بِرِضْوَانِكَ وَ جُدْ عَلَيَّ بِإِحْسَانِكَ وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ فَرِّجْ كُرْبَتِي-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 313
وَ ارْحَمْ عَبْرَتِي وَ لَا تَحْجُبْ دَعْوَتِي وَ اشْدُدْ بِالْإِقَالَةِ أَزْرِي وَ قَوِّ بِهَا ظَهْرِي وَ أَصْلِحْ بِهَا أَمْرِي وَ أَطِلْ بِهَا عُمُرِي وَ ارْحَمْنِي يَوْمَ حَشْرِي وَ وَقْتَ نَشْرِي إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ رَءُوفٌ رَحِيمٌ‏
وَ تَدْعُو بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الرَّكَعَاتِ الثَّمَانِ بِهَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَ لَمْ يُسْأَلْ مِثْلُكَ أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلِينَ وَ مُنْتَهَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ أَدْعُوكَ وَ لَمْ يُدْعَ مِثْلُكَ وَ أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَ لَمْ يُرْغَبْ إِلَى مِثْلِكَ أَنْتَ مُجِيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ وَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَسْأَلُكَ بِأَفْضَلِ الْمَسَائِلِ وَ أَنْجَحِهَا وَ أَعْظَمِهَا يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ وَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَ أَمْثَالِكَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 314
الْعُلْيَا وَ نِعْمَتِكَ [وَ نِعَمِكَ‏] الَّتِي لَا تُحْصَى وَ بِأَكْرَمِ أَسْمَائِكَ [عَلَيْكَ‏] وَ أَحَبِّهَا إِلَيْكَ وَ أَقْرَبِهَا مِنْكَ وَسِيلَةً وَ أَشْرَفِهَا عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَ أَجْزَلِهَا لَدَيْكَ ثَوَاباً وَ أَسْرَعِهَا فِي الْأُمُورِ إِجَابَةً وَ بِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْأَكْبَرِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْأَكْرَمِ الَّذِي تُحِبُّهُ وَ تَهْوَاهُ وَ تَرْضَى بِهِ عَمَّنْ دَعَاكَ فَاسْتَجَبْتَ [وَ اسْتَحْبَبْتَ‏] لَهُ دُعَاءَهُ وَ حَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَحْرِمَ سَائِلَكَ وَ لَا تَرُدَّهُ [أَنْ لَا تَرُدَّ سَائِلَكَ‏] وَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ الْفُرْقَانِ الْعَظِيمِ وَ بِكُلِّ اسْمٍ دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَ مَلَائِكَتُكَ وَ أَنْبِيَاؤُكَ وَ رُسُلُكَ وَ أَهْلُ طَاعَتِكَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 315
مِنْ خَلْقِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَ ابْنِ وَلِيِّكَ وَ تُعَجِّلَ خِزْيَ أَعْدَائِهِ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ تُسَبِّحُ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ ع وَ تَدْعُو بَعْدَهُ بِمَا شِئْتَ ثُمَّ تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الشُّكْرِ
-
وَ يُحْسِنُ أَنْ تَدْعُوَ فِي إِحْدَاهُمَا بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمَنْسُوبِ إِلَى سَيِّدِ الْعَابِدِينَ ع إِلَهِي وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَتِكَ لَوْ أَنِّي مُنْذُ بَدَعْتَ فِطْرَتِي مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ عَبَدْتُكَ دَوَامَ خُلُودِ رُبُوبِيَّتِكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ فِي كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ سَرْمَدَ الْأَبَدِ بِحَمْدِ الْخَلَائِقِ وَ شُكْرِهِمْ أَجْمَعِينَ لَكُنْتُ مُقَصِّراً فِي بُلُوغِ أَدَاءِ شُكْرِ خَفِيِّ [حَقِ‏] نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِكَ عَلَيَّ وَ لَوْ أَنِّي كَرَبْتُ مَعَادِنَ حَدِيدِ الدُّنْيَا بِأَنْيَابِي-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 316
وَ حَرَثْتُ أَرَضِيهَا [أَرْضَهَا] بِأَشْفَارِ عَيْنِي وَ بَكَيْتُ مِنْ خَشْيَتِكَ مِثْلَ بُحُورِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ دَماً وَ صَدِيداً لَكَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا فِي كَثِيرِ مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّكِ عَلَيَّ وَ لَوْ أَنَّكَ إِلَهِي عَذَّبْتَنِي بَعْدَ ذَلِكَ بِعَذَابِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ وَ عَظَّمْتَ لِلنَّارِ خَلْقِي وَ جِسْمِي وَ مَلَأْتَ [جَهَنَّمَ وَ أَطْبَاقَهَا] طَبَقَاتِ جَهَنَّمَ مِنِّي حَتَّى لَا يَكُونَ فِي النَّارِ مُعَذَّبٌ غَيْرِي وَ لَا يَكُونَ لِجَهَنَّمَ حَطَبٌ سِوَايَ لَكَانَ ذَلِكَ بِعَدْلِكَ عَلَيَّ قَلِيلًا فِي كَثِيرِ مَا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْ عُقُوبَتِكَ‏
فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّامِنَةِ فَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 317
يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ عَشْراً صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ ارْحَمْنِي وَ ثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ وَ دِينِ نَبِيِّكَ وَ لَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ وَ تَقُولُ أَيْضاً اللَّهُمَّ أَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْبَدِي‏ءُ الْبَدِيعُ لَكَ الْكَرَمُ وَ لَكَ الْجُودُ وَ لَكَ الْمَنُّ وَ لَكَ الْأَمْرُ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ يَا خَالِقُ يَا رَازِقُ يَا مُحْيِي يَا مُمِيتُ يَا بَدِيعُ يَا رَفِيعُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَرْحَمَ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَ وَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ وَ أُنْسِي بِكَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 318
ثُمَّ تَقُولُ مَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَدْعُو بِهِ بَعْدَ الثَّامِنَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ مَنْ عَاذَ بِكَ وَ لَجَأَ إِلَى عِزِّكَ وَ اسْتَظَلَّ بِفَيْئِكَ وَ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ وَ لَمْ يَثِقْ إِلَّا بِكَ يَا جَزِيلَ الْعَطَايَا يَا مُطْلِقَ الْأُسَارَى يَا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ مِنْ جُودِهِ وَهَّاباً أَدْعُوكَ رَاغِباً وَ رَاهِباً وَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ إِلْحَاحاً وَ تَضَرُّعاً وَ تَمَلُّقاً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ رَاكِباً وَ مَاشِياً وَ ذَاهِباً وَ جَائِياً وَ فِي كُلِّ حَالاتِي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا وَ تَذْكُرُ حَاجَتَكَ ثُمَّ تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الشُّكْرِ وَ تَدْعُو فِيهِمَا وَ بَعْدَهُمَا بِمَا سَبَقَ‏
توضيح غارت نجوم سمائك مر معنى غور النجوم في الدعاء عند الانتباه قبيل هذا و هدأت بالدال المهملة قبل‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 319
الهمزة أي سكنت و ينتجع منهم فائدة الانتجاع بالنون و التاء المثناة الفوقانية ثم الجيم و آخره عين مهملة طلب الإحسان و لعله هنا بمعنى مطلق الطلب و لا يشغلك يشغل على وزن يعلم و فوائدك لمن سألك غير محظورات بالحاء المهملة و الظاء المعجمة أي غير ممنوعات و لا تختزل حوائجهم دونك تختزل بالبناء للمجهول و الاختزال بالخاء المعجمة و التاء المثناة الفوقانية و الزاي يراد به التعويق و أهوال المطلع بتشديد الطاء المهملة و البناء للمفعول أمر الآخرة الذي يحصل الاطلاع عليه بعد الموت و أغصني بريقي بالغين المعجمة و الصاد المهملة المشددة من الغصة بالضم و هي الشجا في الحلق و الريق ماء الفم و أغصني بريقي كناية عن كمال الخوف و الاضطراب أي صيرني بحيث لا أقدر على أن أبلع ريقي و قد وقف في حلقي- و يطلب روحه بالبيات و في آناء الساعات البيات بالباء الموحدة و الياء المثناة التحتانية وقت البيتوتة كم من موبقة بالباء الموحدة المكسورة و القاف أي خطيئة مهلكة للدين هادمة له و عظم في الصحف بضمتين صحائف الأعمال تنضج الأكباد و الكلى تنضج على وزن تكرم بالضاد المعجمة و الجيم-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 320
و الكلى بالضم جمع كلية و كلوة آه من نار نزاعة للشوى النزع القلع و الشوى الأطراف أو جمع شواة بالضم و هي جلدة الرأس آه من غمرة من لهبات لظى الغمرة بالغين المعجمة و الراء ما يغمر الشي‏ء أي يشتمل عليه و يستره و لهبات جمع لهب بالسكون و الفتح الاشتعال و لظى اسم من أسماء النار نعوذ بالله منها قد واجهتها أوجه الانتقام الكلام استعارة أي سارت موجبة لسرعة الانتقام و مقربة منه قد لاحظتها أعين الاصطلام هذا أيضا استعارة و المعنى كالأول مع زيادة و الاصطلام بالصاد و الطاء المهملتين الاستئصال و استحققت باجتراحها مبير العقاب الاجتراح بالجيم و التاء المثناة الفوقانية و آخره حاء مهملة الاكتساب و المبير بالباء الموحدة و الياء المثناة التحتانية و الراء المهلك من أجل ما أنقض ظهري من ثقلها أنقض بالنون و القاف و الضاد المعجمة أي حمل ظهري على النقض و هو صوت عظامه [عظام‏] عند حمل ثقيل و بهظني من الاستقلال بحملها بهظني بالباء الموحدة و الظاء المعجمة أي أثقلني شاكيا بثي‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 321
إليك البث بالباء الموحدة و الثاء المثلثة الهم الذي لا تصبر على كتمانه فتبثه أي تظهره من تنفيس الغم أي إزالته و ادللني برأفتك على سمت المنهج ادللني على وزن اشكرني و السمت الجهة و المنهج الطريق و أزلقني بقدرتك عن الطريق الأعوج أزلقني بالزاي و القاف أي أبعدني و طل علي برضوانك بضم الطاء أي تفضل علي به و اشدد بالإقالة أزري الأزر بفتح الهمزة و إسكان الزاي القوة كربت معادن حديد الدنيا كربت بالراء المهملة و الباء الموحدة كحفرت معنى و وزنا بأشفار عيني أشفار جمع شفرة بضم الشين المعجمة و إسكان الفاء طرف الجفن الذي ينبت عليه الشعر و استظل بفيئك أي التجأ إليك و هو كناية مشهورة و إلحاحا بالحاءين المهملتين المبالغة في الطلب و إلحافا بالحاء المهملة و الفاء بمعنى الإلحاح و تضرعا و تملقا التضرع التذلل و التملق يطلق تارة على التودد و التلطف و الخضوع التي يطابق فيها اللسان الجنان و هذا هو المراد هنا و أخرى على إظهار هذه الأمور باللسان مع مخالفة الجنان كما يفعله [يفعل‏] أكثر أبناء الزمان نعوذ بالله منه‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 322
 [فصل في ركعتي الشفع و مفردة الوتر من صلاة الليل‏]
فصل و بعد فراغك من الركعات الثمان تقوم إلى ركعتي الشفع و مفردة الوتر و أفضل أوقاتها ما بين الفجرين كما مر ذكره في الباب الأول عند ذكر الفجر الصادق و الكاذب من ورود الرواية بذلك عن أمير المؤمنين ع. و اعلم أن الشائع على ألسنة المتأخرين إطلاق الوتر على الركعة الثالثة وحدها لا على مجموع الثلاث و الشائع في الأحاديث الواردة عن أصحاب العصمة ع عكس ذلك-
كَمَا رَوَاهُ شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ أَبَاهُ الْبَاقِرَ ع كَانَ يَقْرَأُ فِي الْوَتْرِ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي ثَلَاثِهِنَ‏
-
وَ كَمَا رَوَاهُ فِيهِ بِسَنَدٍ مُوَثَّقٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتِ الزَّوَالِ وَ أَرْبَعاً الْأُولَى وَ الثَّمَانَ بَعْدَهَا وَ أَرْبَعاً الْعَصْرَ وَ ثَلَاثاً الْمَغْرِبَ وَ أَرْبَعاً بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعاً وَ ثَمَانِيَ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَ ثَلَاثاً الْوَتْرَ وَ رَكْعَتَيْ [صَلَاةِ] الْفَجْرِ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ رَكْعَتَيْنِ الْحَدِيثَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 323
وَ كَمَا رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ سَالِمٍ الْحَنَّاطِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْوَتْرِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَةً
. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة و أما إطلاق الوتر على الثالثة وحدها فهو في الأحاديث قليل جدا لكنه كثير في عبارات متأخري علمائنا قدس الله أرواحهم و أما القدماء فأكثر ما يعبرون عنها بمفردة الوتر كما عبر عنها شيخ الطائفة في المصباح و غيره و من هذا يظهر أن من نذر صلاة الوتر الموظفة لم يخرج عن العهدة بيقين إلا بالإتيان بالثلاث إنما ذكره الشيخ الجليل أبو علي الطبرسي عطر الله مرقده في كتاب مجمع البيان من تعليل تسمية الفاتحة بالسبع المثاني بأنها تثنى قراءتها في كل صلاة فرض و نقل كلام مستقيم خال عن‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 324
القصور و إنما أورد عليه من انتقاض هذه الكلية بصلاة الوتر غير وارد و الله أعلم و تقرأ في كل من ركعتي الشفع بعد الحمد التوحيد و إن شئت فاقرأ أولى المعوذتين في إحداهما و الأخرى في الأخرى فإذا سلمت فادع بهذا الدعاء-
إِلَهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هَذَا اللَّيْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ وَ قَصَدَكَ فِيهِ الْقَاصِدُونَ وَ أَمَّلَ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ وَ لَكَ فِي هَذَا اللَّيْلِ نَفَحَاتٌ وَ جَوَائِزُ وَ عَطَايَا وَ مَوَاهِبُ تَمُنُّ بِهَا عَلَى مَنْ تَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ وَ تَمْنَعُهَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 325
مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ الْعِنَايَةُ مِنْكَ وَ هَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ الْفَقِيرُ إِلَيْكَ الْمُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَ مَعْرُوفَكَ فَإِنْ كُنْتَ يَا مَوْلَايَ تَفَضَّلْتَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَ عُدْتَ عَلَيْهِ بِعَائِدَةٍ مِنْ عَطْفِكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْخَيِّرِينَ الْفَاضِلِينَ وَ جُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَ مَعْرُوفِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً إِنَّ اللَّهَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَ فَاسْتَجِبْ لِي كَمَا وَعَدْتَ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ

. ثم قم إلى مفردة الوتر و توجه بالتكبيرات السبع و الأدعية الثلاثة و تقرأ فيها بعد الحمد التوحيد ثلاثا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 326
و المعوذتين ثم ترفع يديك و تقنت و أنت تبكي أو تتباكى-
بِمَا رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْفَقِيهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَحَدِهِمَا أَعْنِي الْبَاقِرَ أَوِ الصَّادِقَ قَالَ قُلْ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ [وَ مَا تَحْتَهُنَ‏] وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ زَيْنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ جَمَالُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ عِمَادُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ قِوَامُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَنْتَ اللَّهُ صَرِيخُ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 327
الْمُسْتَصْرِخِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ غِيَاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ الْمُفَرِّجُ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ الْمُرَوِّحُ عَنِ الْمَغْمُومِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ مُجِيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ إِلَهُ الْعَالَمِينَ وَ أَنْتَ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَ أَنْتَ اللَّهُ كَاشِفُ السُّوءِ وَ أَنْتَ اللَّهُ بِكَ تُنْزَلُ كُلُّ حَاجَةٍ يَا اللَّهُ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلَّا حِلْمُكَ وَ لَا يُنْجِي مِنْ عِقَابِكَ إِلَّا رَحْمَتُكَ وَ لَا يُنْجِي مِنْكَ إِلَّا التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ يَا إِلَهِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي أَحْيَيْتَ بِهَا [بِهَا أَحْيَيْتَ‏] جَمِيعَ مَا فِي الْبِلَادِ وَ بِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْعِبَادِ لَا تُهْلِكْنِي غَمّاً حَتَّى تَغْفِرَ لِي وَ تَرْحَمَنِي وَ تُعَرِّفَنِي‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 328
الْإِجَابَةَ [الِاسْتِجَابَةَ] فِي دُعَائِي وَ ارْزُقْنِي الْعَافِيَةَ إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ لَا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي وَ لَا تُمَكِّنْهُ مِنْ رَقَبَتِي اللَّهُمَّ [إِنَّكَ‏] إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي وَ إِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي وَ إِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَحُولُ بَيْنَكَ وَ بَيْنِي أَوْ يَتَعَرَّضُ لَكَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِي وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنْ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ وَ لَا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ وَ إِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ وَ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ وَ قَدْ تَعَالَيْتَ عَنْ ذَلِكِ يَا إِلَهِي فَلَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً وَ لَا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً وَ مَهِّلْنِي وَ نَفِّسْنِي وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ لَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 329
تُتْبِعْنِي بِبَلَاءٍ عَلَى أَثَرِ بَلَاءٍ فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي وَ قِلَّةَ حِيلَتِي أَسْتَعِيذُ بِكَ اللَّيْلَةَ فَأَعِذْنِي وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ النَّارِ فَأَجِرْنِي وَ أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ فَلَا تَحْرِمْنِي ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ بِمَا أَحْبَبْتَ وَ اسْتَغْفِرِ اللَّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً هَذَا آخِرُ الْحَدِيثِ‏
. وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِأَرْبَعِينَ مِنْ إِخْوَانِكَ فَصَاعِداً فَتَقُولُ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلَانٍ وَ فُلَانٍ إِلَى آخِرِهِمْ ثُمَّ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ مَرَّةً
. و ينبغي أن تعد الاستغفار بيدك اليمنى و تنصب يدك اليسرى [على ما] رواه رئيس المحدثين في الفقيه بسند صحيح و لو بلغت بالاستغفار المائة كان أفضل‏
ثُمَّ تَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ- أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُ‏

                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 330
الْقَيُّومُ لِجَمِيعِ ظُلْمِي وَ جُرْمِي وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ ثُمَّ تَقُولُ:
رَبِّ أَسَأْتُ وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ بِئْسَ مَا صَنَعْتُ وَ هَذِهِ يَدَايَ يَا رَبِّ جَزَاءً بِمَا كَسَبْتُ وَ هَذِهِ رَقَبَتِي خَاضِعَةً لِمَا أَتَيْتُ وَ هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَخُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِيَ الرِّضَا حَتَّى تَرْضَى لَكَ الْعُتْبَى لَا أَعُودُ ثُمَّ تَقُولُ الْعَفْوَ الْعَفْوَ ثَلَاثَمِائَةِ مَرَّةٍ ثُمَّ تَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ [رَبِ‏] ارْحَمْنِي وَ تُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏

. و يستحب لك التطويل في قنوتك فتضيف إليه ما تقدم ذكره في الركعات الثمان- و إن اتسع الوقت فأضف إلى ذلك-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 331
مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ ع فِي قُنُوتِهِ كَمَا رَوَاهُ رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ فِي كِتَابِ الْأَمَالِي سَيِّدِي سَيِّدِي هَذِهِ يَدَايَ قَدْ مَدَدْتُهُمَا إِلَيْكَ بِالذُّنُوبِ مَمْلُوءَةً وَ عَيْنَايَ بِالرَّجَاءِ مَمْدُودَةً وَ حَقٌّ بِمَنْ دَعَاكَ بِالنَّدَمِ تَذَلُّلًا أَنْ تُجِيبَهُ بِالْكَرَمِ تَفَضُّلًا سَيِّدِي أَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ خَلَقْتَنِي فَأُطِيلَ بُكَائِي أَمْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَلَقْتَنِي فَأُبَشِّرَ رَجَائِي سَيِّدِي أَ لِضَرْبِ الْمَقَامِعِ خَلَقْتَ أَعْضَائِي أَمْ لِشُرْبِ الْحَمِيمِ خَلَقْتَ أَمْعَائِي سَيِّدِي لَوْ أَنَّ عَبْداً اسْتَطَاعَ الْهَرَبَ مِنْ مَوْلَاهُ لَكُنْتُ أَوَّلَ الْهَارِبِينَ مِنْكَ لَكِنِّي أَعْلَمُ أَنِّي لَا أَفُوتُكَ سَيِّدِي لَوْ أَنَّ عَذَابِي مِمَّا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 332
مُلْكِكَ طَاعَةُ الْمُطِيعِينَ وَ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ مَعْصِيَةُ الْعَاصِينَ سَيِّدِي مَا أَنَا وَ مَا خَطَرِي هَبْ لِي بِفَضْلِكَ وَ جَلِّلْنِي بِسِتْرِكَ وَ اعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ إِلَهِي وَ سَيِّدِي ارْحَمْنِي مَصْرُوعاً عَلَى الْفِرَاشِ تُقَلِّبُنِي أَيْدِي أَحِبَّتِي وَ ارْحَمْنِي مَطْرُوحاً عَلَى الْمُغْتَسَلِ يُغَسِّلُنِي صَالِحُ جِيرَتِي وَ ارْحَمْنِي مَحْمُولًا قَدْ تَنَاوَلَ الْأَقْرِبَاءُ أَطْرَافَ جَنَازَتِي وَ ارْحَمْ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ وَحْشَتِي وَ غُرْبَتِي وَ وَحْدَتِي‏
. و إن ضاق الوقت عن تطويل القنوت فلك الاقتصار على ما شئت مما يسعه الوقت و من الأدعية المختصرة التي يحسن القنوت بها في السعة و الضيق في الوتر و غيرها-
اللَّهُمَّ إِنَّ كَثْرَةَ الذُّنُوبِ تَكُفُّ أَيْدِيَنَا عَنِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 333
انْبِسَاطِهَا إِلَيْكَ بِالسُّؤَالِ وَ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْمَعَاصِي تَمْنَعُنَا عَنِ [مِنَ‏] التَّضَرُّعِ وَ الِابْتِهَالِ وَ الرَّجَاءَ يَحُثُّنَا عَلَى سُؤَالِكَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ فَإِنْ لَمْ يَعْطِفِ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ فَمِمَّنْ يَبْتَغِي النَّوَالَ فَلَا تَرُدَّ أَكُفَّنَا الْمُتَضَرِّعَةَ إِلَيْكَ إِلَّا بِبُلُوغِ الْآمَالِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى أَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ‏
فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقُنُوتِ فَارْكَعْ وَ تَقُولُ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِكَ مِنَ الرُّكُوعِ هَذَا مَقَامُ مَنْ حَسَنَاتُهُ نِعْمَةٌ مِنْكَ وَ سَيِّئَاتُهُ بِعَمَلِهِ وَ ذَنْبُهُ عَظِيمٌ وَ شُكْرُهُ قَلِيلٌ إِلَهِي طُمُوحُ الْآمَالِ قَدْ خَابَتْ إِلَّا لَدَيْكَ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 334
وَ مَعَاكِفُ الْهِمَمِ قَدْ تَقَطَّعَتْ إِلَّا عَلَيْكَ وَ مَذَاهِبُ الْعُقُولِ قَدْ سَمَتْ إِلَّا إِلَيْكَ فَإِلَيْكَ الرَّجَاءُ وَ إِلَيْكَ الْمُلْتَجَأُ يَا أَكْرَمَ مَقْصُودٍ وَ يَا أَجْوَدَ مَسْئُولٍ هَرَبْتُ إِلَيْكَ بِنَفْسِي يَا مَلْجَأَ الْهَارِبِينَ بِأَثْقَالِ الذُّنُوبِ أَحْمِلُهَا عَلَى ظَهْرِي وَ مَا أَجِدُ لِي إِلَيْكَ شَافِعاً سِوَى مَعْرِفَتِي بِأَنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ رَجَاهُ الطَّالِبُونَ وَ لَجَأَ إِلَيْهِ الْمُضْطَرُّونَ وَ أَمَّلَ مَا لَدَيْهِ الرَّاغِبُونَ يَا مَنْ فَتَقَ الْعُقُولَ بِمَعْرِفَتِهِ وَ أَطْلَقَ الْأَلْسُنَ بِحَمْدِهِ وَ جَعَلَ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ كِفَاءً لِتَأْدِيَةِ حَقِّهِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ لَا تَجْعَلْ لِلْهُمُومِ [لِلْهَمِ‏] عَلَى عَقْلِي سَبِيلًا وَ لَا لِلْبَاطِلِ عَلَى عَمَلِي دَلِيلًا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 335
ثُمَّ تَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ وَ تَتَشَهَّدُ فَإِذَا سَلَّمْتَ فَسَبِّحْ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ ع ثُمَّ تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمَعْرُوفِ بِدُعَاءِ الْحَزِينِ أُنَاجِيكَ يَا مَوْجُودُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَعَلَّكَ تَسْمَعُ نِدَائِي فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي وَ قَلَّ حَيَائِي مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ أَيَّ الْأَهْوَالِ أَتَذَكَّرُ وَ أَيَّهَا أَنْسَى وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَوْتُ لَكَفَى كَيْفَ وَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ وَ أَدْهَى مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ حَتَّى مَتَى وَ إِلَى مَتَى أَقُولُ لَكَ الْعُتْبَى مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ثُمَّ لَا تَجِدُ عِنْدِي صِدْقاً وَ لَا وَفَاءً فَيَا غَوْثَاهْ ثُمَّ وَا غَوْثَاهْ بِكَ يَا اللَّهُ مِنْ هَوًى قَدْ غَلَبَنِي وَ مِنْ عَدُوٍّ قَدِ اسْتَكْلَبَ عَلَيَّ وَ مِنْ دُنْيَا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِي وَ مِنْ نَفْسٍ أَمَّارَةٍ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي مَوْلَايَ يَا مَوْلَايَ إِنْ كُنْتَ رَحِمْتَ مِثْلِي فَارْحَمْنِي وَ إِنْ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 336
كُنْتَ قَبِلْتَ مِثْلِي فَاقْبَلْنِي يَا قَابِلَ السَّحَرَةِ اقْبَلْنِي يَا مَنْ لَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّفُ مِنْهُ الْحُسْنَى يَا مَنْ يُغَذِّينِي بِالنِّعَمِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً ارْحَمْنِي يَوْمَ آتِيكَ فَرْداً شَاخِصاً إِلَيْكَ بَصَرِي مُقَلَّداً عَمَلِي قَدْ تَبَرَّأَ جَمِيعُ الْخَلْقِ مِنِّي نَعَمْ وَ أَبِي وَ أُمِّي وَ مَنْ كَانَ لَهُ كَدِّي وَ سَعْيِي فَإِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي فَمَنْ يَرْحَمُ فِي الْقَبْرِ وَحْشَتِي وَ مَنْ يُنْطِقُ لِسَانِي إِذَا خَلَوْتُ بِعَمَلِي وَ سَأَلْتَنِي عَمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي فَإِنْ قُلْتُ نَعَمْ فَأَيْنَ الْمَهْرَبُ مِنْ عَدْلِكَ وَ إِنْ قُلْتُ لَمْ أَفْعَلْ قُلْتَ أَ لَمْ أَكُنِ الشَّاهِدَ عَلَيْكَ فَعَفْوَكَ عَفْوَكَ يَا مَوْلَايَ قَبْلَ [أَنْ تُلْبَسَ الْأَبْدَانُ‏] سَرَابِيلِ الْقَطِرَانِ عَفْوَكَ عَفْوَكَ يَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 337
مَوْلَايَ قَبْلَ أَنْ تُغَلَّ الْأَيْدِي إِلَى الْأَعْنَاقِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ خَيْرَ الْغَافِرِينَ ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ وَ وَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ وَ أُنْسِي بِكَ يَا كَرِيمُ يَا كَائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَا كَائِناً بَعْدَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ لَا تَفْضَحْنِي فَإِنَّكَ بِي عَالِمٌ وَ لَا تُعَذِّبْنِي فَإِنَّكَ عَلَيَّ قَادِرٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُرَبِ الْمَوْتِ وَ مِنْ سُوءِ الْمَرْجِعِ فِي الْقُبُورِ وَ مِنَ النَّدَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيئَةً وَ مِيتَةً سَوِيَّةً وَ مُنْقَلَباً كَرِيماً غَيْرَ مُخْزٍ وَ لَا فَاضِحٍ اللَّهُمَّ مَغْفِرَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَ رَحْمَتُكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 338
عَمَلِي فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اغْفِرْ لِي يَا حَيّاً لَا يَمُوتُ‏
توضيح تعرض لك أي تصدى لطلب عفوك و إحسانك فالفقرة الثانية و الثالثة كالمفسرة للفقرة الأولى و عدت عليه بعائدة من عطفك عدت بضم العين المهملة و بعدها دال مهملة يقال عاد عليه بعائدة تكرم عليه بمكرمة و جد علي بطولك الطول بفتح الطاء المهملة الفضل و الغنى و القدرة و أنت الله عماد السماوات و الأرض عماد الشي‏ء بالكسر ما يقوم و يثبت به الشي‏ء لولاه لسقط و زال و أنت الله قوام السماوات و الأرض قوام الشي‏ء بالكسر عماده فهذه الفقرة كالمفسرة لما قبلها و هو من قبيل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا و هو دليل سمعي على احتياج الباقي في البقاء إلى علة مبقية و أنت الله المروح بالراء و الحاء المهملتين اسم فاعل قريب من معنى المفرج بالجيم و لا تجعلني للبلاء غرضا الغرض بالغين المعجمة و الراء المفتوحتين الهدف و لا لنقمتك نصبا النصب بالنون‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 339
و الصاد المهملة المفتوحتين قريب من معنى الغرض [الهدف‏] و لا تتبعني ببلاء على أثر بلاء تتبع على وزن تكرم و أثر بكسر الهمزة و فتحها و إسكان الثاء المثلثة يقال خرجت على أثره أي بعده بقليل لك العتبى بضم العين المهملة و إسكان التاء [المثناة] الفوقانية بمعنى المؤاخذة و المعنى أنت حقيق بأن تؤاخذني بسوء أعمالي أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي أبشر بالباء الموحدة و تشديد الشين المعجمة من البشارة و الكلام استعارة و ربما يقرأ بالنون الساكنة و الشين المعجمة المضمومة أي أبسط رجائي و أكثره أم لضرب المقامع خلقت أعضائي المقامع جمع مقمعة بكسر الميم و إسكان القاف شي‏ء كالعمود يضرب به قال الله تعالى في صفة عذاب أهل النار وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ أم لشرب الحميم خلقت أمعائي الحميم الماء الشديد الحرارة و الأمعاء جمع معى بالكسر و بالقصر معي و هو ما ينتقل إليه الطعام بعد المعدة و الظاهر أن المراد بالأمعاء هنا ما يشمل المعدة و سائر
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 340
الأحشاء أيضا ما أنا و ما خطري الخطر بالخاء المعجمة و الطاء و الراء المهملة المفتوحتين القدر و المنزلة و الاستفهام للتحقير ارحمني مصروعا بالمهملات أي ملقى على الأرض إلهي طموح الآمال قد خابت إلا لديك طموح بالطاء المهملة المضمومة و آخره حاء مهملة جمع طامح كقعود جمع قاعد من طمح بمعنى ارتفع و المراد أن الآمال الطامحة أي المرتفعة العظيمة قد خابت إلا آمالنا العظيمة عندك كالعفو عن ذنوبنا التي استوجبنا بها أليم العقاب و إدخالنا الجنة تفضلا من غير استيجاب و معاكف الهمم قد تقطعت إلا عليك المعاكف جمع معكف و هو مصدر بمعنى العكوف أي الإقامة و المراد أن عكوفات الهمم و إقاماتها على باب كل أحد في طلب الإحسان منه قد تقطعت و خابت إلا عكوفاتها على باب جودك و إحسانك و مذاهب العقول قد سمت [سدت‏] إلا إليك المذاهب الطرق و تطلق على الآراء أيضا و سما إلى الشي‏ء ارتفع إليه و المراد أن طرق العقول و الآراء قد ارتفعت إلى الأشياء أما إليك فقد قصرت عن الارتقاء-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 341
و ضلت في بيداء العظمة و الكبرياء و جعل ما امتن به على عباده كفؤا لتأدية حقه أي جعل تكليفنا بعبادته مكافيا لأداء حق نعمائه مع أن تكليفنا بعبادته و تشريفنا بخدمته و جعلنا أهلا للقيام بها لطفا جزيلا بنا و منة عظيمة علينا أ لا ترى أن الملك العظيم إذا شرف شخصا بخدمته و جعله أهلا لمخاطبته فإن ذلك الشخص يعد ذلك من عظيم ألطاف ذلك الملك به و جزيل منته عليه فهو سبحانه لوفور كرمه جعل بعض نعمائه التي من بها علينا و وفقنا لها شكرا و مكافاة منا لبعض نعمائه الأخرى و مع ذلك قد وعدنا عليها ثوابا جزيلا في الآخرة فسبحانه سبحانه ما أعلى شأنه و أعظم امتنانه و من عدو قد استكلب علي أي وثب علي و فيه تشبيه له بالكلب و ربما يقال أن فيه إشارة إلى أن عداوته على الأمور الدنيوية فإن الدنيا جيفة و طالبوها كلاب قبل سرابيل القطران تلميح إلى قوله تعالى وَ تَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ و السرابيل جمع سربال و هو القميص و القطران بكسر الطاء عصارة شديدة النتن و الحدة يطلى بها الجمل الأجرب فتحرق جربه لحدتها و من شأنها أن تشتعل النار فيما يطلى بها بسرعة.
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 342
و روي أنه يطلى بها جلود أهل النار إلى أن تصير لهم بمنزلة القمصان فيجتمع عليهم لدغها و حدتها مع احتراق النار نعوذ بالله من ذلك و ميتة سوية بكسر الميم و المراد بالميتة السوية الموت بعد حصول الاستعداد لنزوله و التهيؤ لحلوله من تقديم التوبة و قضاء الفوائت و الخروج من حقوق الناس المالية و العرضية و غيرها
 [في ركعتي الفجر]
فصل و بعد فراغك من مفردة الوتر و ما يتعلق بها تقوم إلى ركعتي الفجر و تسميان الدساستين لدسهما في صلاة الليل-
كَمَا رَوَاهُ شَيْخُ الطَّائِفَةِ فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ قَالَ احْشُوا بِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ‏
. و الظاهر امتداد وقتهما إلى طلوع الحمرة كما تضمنه بعض الروايات و كما قال به جماعة من علمائنا قدس الله تعالى أرواحهم و إن أفضل أوقاتهما ما بين طلوع الفجرين و تقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الجحد و في الثانية التوحيد فإذا سلمت فاضطجع على يمينك مستقبلا القبلة كالملحود و ضع خدك الأيمن على يدك اليمنى و قل‏
اسْتَمْسَكْتُ بِعُرْوَةِ اللَّهِ الْوُثْقَى الَّتِي لَا

                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 343
انْفِصامَ لَها وَ اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ اللَّهِ الْمَتِينِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ وَ مِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ رَبِّيَ اللَّهُ رَبِّيَ اللَّهُ رَبِّيَ اللَّهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدْراً حَسْبِيَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ اللَّهُمَّ مَنْ أَصْبَحَ وَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى مَخْلُوقٍ فَإِنَّ حَاجَتِي وَ رَغْبَتِي إِلَيْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَكَ الْحَمْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الصَّبَاحِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاشِرِ الْأَرْوَاحِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَاسِمِ الْمَعَاشِ الْحَمْدُ لِلَّهِ جَاعِلِ اللَّيْلِ سَكَناً وَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ حُسْبَاناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 344
وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً وَ فِي بَصَرِي نُوراً وَ عَلَى لِسَانِي نُوراً وَ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُوراً وَ مِنْ خَلْفِي نُوراً وَ عَنْ يَمِينِي نُوراً وَ عَنْ شِمَالِي نُوراً وَ مِنْ فَوْقِي نُوراً وَ مِنْ تَحْتِي نُوراً وَ أَعْظِمْ لِيَ النُّورَ وَ اجْعَلْ لِي نُوراً أَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وَ لَا تَحْرِمْنِي نُورَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَ الْخَمْسَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ثُمَّ تَجْلِسُ وَ تُسَبِّحُ تَسْبِيحَ الزَّهْرَاءِ ع ثُمَّ تَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ ثُمَّ تَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 345
ثُمَّ تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الشُّكْرِ وَ تَقُولُ فِيهَا مَا يَسْنَحُ لَكَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ وَ ادْعُ فِيهَا لِإِخْوَانِكَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَقُولُ- اللَّهُمَّ رَبَّ الْفَجْرِ وَ اللَّيَالِي الْعَشْرِ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ وَ رَبَّ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ إِلَهَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَلِيكَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْعَلْ بِي وَ بِفُلَانٍ وَ بِفُلَانٍ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ لَا تَفْعَلْ بِنَا مَا نَحْنُ أَهْلُهُ فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ

 [فصل في الدعاء بعد الفراغ من صلاة الليل‏]
فصل‏
وَ يَنْبَغِي أَنْ تَدْعُوَ بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَعْنِي الثَّلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِمَا كَانَ يَدْعُو بِهِ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ ع وَ هُوَ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّحِيفَةِ الْكَامِلَةِ اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمُلْكِ الْمُتَأَبِّدِ بِالْخُلُودِ وَ السُّلْطَانِ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ جُنُودٍ وَ لَا أَعْوَانٍ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 346
وَ الْعِزِّ الْبَاقِي عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ وَ خَوَالِي الْأَعْوَامِ وَ مَوَاضِي الْأَزْمَانِ وَ الْأَيَّامِ عَزَّ سُلْطَانُكَ عِزّاً لَا حَدَّ لَهُ بِأَوَّلِيَّةٍ وَ لَا مُنْتَهَى لَهُ بِآخِرِيَّةٍ وَ اسْتَعْلَى مُلْكُكَ عُلُوّاً سَقَطَتِ الْأَشْيَاءُ دُونَ بُلُوغِ أَمَدِهِ وَ لَا يَبْلُغُ أَدْنَى مَا اسْتَأْثَرْتَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَقْصَى نَعْتِ النَّاعِتِينَ ضَلَّتْ فِيكَ الصِّفَاتُ وَ تَفَسَّخَتْ دُونَكَ النُّعُوتُ وَ حَارَتْ فِي كِبْرِيَائِكَ لَطَائِفُ الْأَوْهَامِ كَذَلِكَ أَنْتَ اللَّهُ الْأَوَّلُ فِي أَوَّلِيَّتِكَ وَ عَلَى ذَلِكَ أَنْتَ دَائِمٌ لَا تَزُولُ وَ أَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَمَلًا الْجَسِيمُ أَمَلًا خَرَجَتْ مِنْ يَدِي أَسْبَابُ الْوُصُلَاتِ إِلَّا مَا وَصَلَتْ رَحْمَتُكَ وَ تَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الْآمَالِ إِلَّا مَا أَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ قَلَّ عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 347
طَاعَتِكَ وَ كَثُرَ [وَ كَبُرَ عِنْدِي‏] عَلَيَّ مَا أَبُوءُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ وَ لَنْ يَضِيقَ عَلَيْكَ عَفْوٌ عَنْ عَبْدِكَ وَ إِنْ أَسَاءَ فَاعْفُ عَنِّي اللَّهُمَّ وَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى خَفَايَا الْأَعْمَالِ عِلْمُكَ وَ انْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ دُونَ خُبْرِكَ وَ لَا تَنْطَوِي عَنْكَ دَقَائِقُ الْأُمُورِ وَ لَا تَغْرُبُ [تَعْزُبُ عَنْكَ غَيِّبَاتُ [غَائِبَاتُ‏] السَّرَائِرِ وَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغِوَايَتِي [لِإِغْوَائِي‏] فَأَنْظَرْتَهُ وَ اسْتَمْهَلَكَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ لِإِضْلَالِي فَأَمْهَلْتَهُ فَأَوْقَعَنِي وَ قَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ مِنْ صَغَائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ وَ كَبَائِرِ أَعْمَالٍ مُرْدِيَةٍ حَتَّى إِذَا قَارَفْتُ مَعْصِيَتَكَ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 348
وَ اسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ سَعْيِي سَخْطَتَكَ [سَخَطَكَ‏] فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ [عَنَانَ‏] غَدْرِهِ وَ تَلَقَّانِي بِكَلِمَةِ كُفْرِهِ وَ تَوَلَّى الْبَرَاءَةَ مِنِّي وَ أَدْبَرَ مُوَلِّياً عَنِّي فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً وَ أَخْرَجَنِي إِلَى فِنَاءِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً لَا شَفِيعَ يَشْفَعُ لِي إِلَيْكَ وَ لَا خَفِيرَ يُؤْمِنُنِي عَلَيْكَ وَ لَا حِصْنَ يَحْجُبُنِي عَنْكَ وَ لَا مَلَاذَ أَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْكَ فَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ وَ مَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ فَلَا يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلُكَ وَ لَا يَقْصُرَنَّ [يَقْصُرُ] دُونِي عَفْوُكَ وَ لَا أَكُنْ أَخْيَبَ عِبَادِكَ التَّائِبِينَ وَ لَا أَقْنَطَ وُفُودِكَ الْآمِلِينَ وَ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي فَتَرَكْتُ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 349
وَ نَهَيْتَنِي فَرَكِبْتُ وَ سَوَّلَ لِيَ الْخَطَايَا [الْخَطَأَ] خَاطِرُ السَّوْءِ فَفَرَّطْتُ وَ لَا أَسْتَشْهِدُ عَلَى صِيَامِي نَهَاراً وَ لَا أَسْتَجِيرُ بِتَهَجُّدِي لَيْلًا وَ لَا تُثْنِي عَلَيَّ بِإِحْيَائِهَا سُنَّةً حَاشَا فُرُوضِكَ الَّتِي مَنْ ضَيَّعَهَا هَلَكَ وَ لَسْتُ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَةٍ مَعَ كَثِيرِ مَا أَغْفَلْتُ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ وَ تَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ حُدُودِكَ إِلَى حُرُمَاتٍ انْتَهَكْتُهَا وَ كَبَائِرَ ذُنُوبٍ اجْتَرَحْتُهَا كَانَتْ عَافِيَتُكَ لِي مِنْ فَضَائِحِهَا سِتْراً وَ هَذَا مَقَامُ مَنِ اسْتَحْيَا لِنَفْسِهِ مِنْكَ وَ سَخِطَ عَلَيْهَا وَ رَضِيَ عَنْكَ فَتَلَقَّاكَ [وَ تَلَقَّاكَ‏] بِنَفْسٍ خَاشِعَةٍ وَ رَقَبَةٍ خَاضِعَةٍ وَ ظَهْرٍ مُثْقَلٍ مِنَ الْخَطَايَا-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 350
وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَ الرَّهْبَةِ مِنْكَ وَ أَنْتَ أَوْلَى مَنْ رَجَاهُ وَ أَحَقُّ مَنْ خَشِيَهُ وَ اتَّقَاهُ فَأَعْطِنِي يَا رَبِّ مَا رَجَوْتُ وَ آمِنِّي مَا [مِمَّا] حَذَرْتُ وَ عُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةِ رَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَكْرَمُ الْمَسْئُولِينَ اللَّهُمَّ وَ إِذْ سَتَرْتَنِي بِعَفْوِكَ وَ تَغَمَّدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الْفَنَاءِ بِحَضْرَةِ الْأَكْفَاءِ فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحَاتِ دَارِ الْبَقَاءِ عِنْدَ مَوَاقِفِ الْأَشْهَادِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ الرُّسُلِ الْمُكَرَّمِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ كَمْ مِنْ جَارٍ كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئَاتِي وَ مِنْ ذِي رَحِمٍ كُنْتُ أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَتِي لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ عَلَيَّ وَ وَثِقْتُ بِكَ رَبِّ فِي الْمَغْفِرَةِ
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 351
لِي وَ أَنْتَ أَوْلَى مَنْ وَثِقَ بِهِ وَ أَعْطَى مَنْ رَغِبَ إِلَيْهِ وَ أَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ فَارْحَمْنِي اللَّهُمَّ وَ أَنْتَ حَدَرْتَنِي مَاءً مَهِيناً مِنْ صُلْبٍ مُتَضَايِقِ الْعِظَامِ حَرِجِ الْمَسَالِكِ إِلَى رَحِمٍ ضَيِّقَةٍ سَتَرْتَهَا بِالْحُجُبِ تُصَرِّفُنِي فِيهَا حَالًا عَنْ حَالٍ حَتَّى انْتَهَيْتَ بِي إِلَى تَمَامِ الصُّورَةِ وَ أَثْبَتَّ فِيَّ الْجَوَارِحَ كَمَا نَعَتَّ فِي كِتَابِكَ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عِظَاماً ثُمَّ كَسَوْتَ الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْتَنِي خَلْقاً آخَرَ كَمَا شِئْتَ حَتَّى إِذَا احْتَجْتُ إِلَى رِزْقِكَ وَ لَمْ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 352
أَسْتَغْنِ عَنْ غِيَاثِ فَضْلِكَ جَعَلْتَ لِي قُوتاً مِنْ فَضْلِ طَعَامٍ وَ شَرَابٍ أَجْرَيْتَهُ لِأَمَتِكَ الَّتِي أَسْكَنْتَنِي جَوْفَهَا وَ أَوْدَعْتَنِي قَرَارَ رَحِمِهَا وَ لَوْ تَكِلُنِي يَا رَبِّ فِي تِلْكَ الْحَالاتِ إِلَى حَوْلِي أَوْ تَضْطَرُّنِي إِلَى قُوَّتِي لَكَانَ الْحَوْلُ عَنِّي مُعْتَزِلًا وَ لَكَانَتِ الْقُوَّةُ مِنِّي بَعِيدَةً فَغَذَوْتَنِي بِفَضْلِكَ غِذَاءَ الْبَرِّ اللَّطِيفِ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِي تَطَوُّلًا عَلَيَّ إِلَى غَايَتِي هَذِهِ لَا أَعْدَمُ بِرَّكَ وَ لَا يُبْطِئُ بِي [عَنِّي‏] حُسْنُ صَنِيعِكَ وَ لَا تَتَأَكَّدُ مَعَ ذَلِكَ ثِقَتِي فَأَتَفَرَّغَ لِمَا هُوَ أَحْظَى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 353
لِي عِنْدَكَ قَدْ مَلَكَ الشَّيْطَانُ عِنَانِي فِي سُوءِ الظَّنِّ وَ ضَعْفِ الْيَقِينِ فَأَنَا أَشْكُو سُوءَ مُجَاوَرَتِهِ لِي وَ طَاعَةِ نَفْسِي لَهُ وَ أَسْتَعْصِمُكَ مِنْ مَلَكَتِهِ [مَهْلَكَتِهِ‏] وَ أَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي أَنْ تُسَهِّلَ إِلَى رِزْقِي سَبِيلًا فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ابْتِدَائِكَ بِالنِّعَمِ الْجِسَامِ وَ إِلْهَامِكَ الشُّكْرَ عَلَى الْإِحْسَانِ وَ الْإِنْعَامِ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَهِّلْ عَلَيَّ رِزْقِي وَ أَنْ تُقَنِّعَنِي بِتَقْدِيرِكَ لِي وَ أَنْ تُرْضِيَنِي بِحِصَّتِي فِيمَا قَسَمْتَ لِي وَ أَنْ تَجْعَلَ مَا ذَهَبَ مِنْ جِسْمِي وَ عُمُرِي فِي سَبِيلِ طَاعَتِكَ إِنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارٍ تَغَلَّظْتَ بِهَا عَلَى مَنْ عَصَاكَ وَ تَوَعَّدْتَ بِهَا مَنْ صَدَفَ عَنْ رِضَاكَ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 354
وَ مِنْ نَارٍ يَأْكُلُ بَعْضَهَا بَعْضٌ وَ يَصُولُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَ مِنْ نَارٍ تَذَرُ الْعِظَامَ رَمِيماً وَ تَسْقِي أَهْلَهَا حَمِيماً وَ مِنْ نَارٍ لَا تُبْقِي عَلَى مَنْ تَضَرَّعَ إِلَيْهَا وَ لَا تَرْحَمُ مَنِ اسْتَعْطَفَهَا وَ لَا تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفِيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَهَا وَ اسْتَسْلَمَ إِلَيْهَا تَلْقَى سُكَّانَهَا بِأَحَرِّ مَا لَدَيْهَا مِنْ أَلِيمِ النَّكَالِ وَ شَدِيدِ الْوَبَالِ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَقَارِبِهَا الْفَاغِرَةِ أَفْوَاهُهَا وَ حَيَّاتِهَا الصَّالِقَةِ بِأَنْيَابِهَا وَ شَرَابِهَا الَّذِي يُقَطِّعُ أَمْعَاءَ وَ أَفْئِدَةَ سُكَّانِهَا وَ يَنْزِعُ قُلُوبَهُمْ وَ أَسْتَهْدِيكَ لِمَا بَاعَدَ مِنْهَا وَ أَخَّرَ عَنْهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَجِرْنِي مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ وَ أَقِلْنِي عَثَرَاتِي بِحُسْنِ إِقَالَتِكَ وَ لَا تَخْذُلْنِي يَا خَيْرَ الْمُجِيرِينَ إِنَّكَ تَقِي الْكَرِيهَةَ وَ تُعْطِي الْحَسَنَةَ وَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 355
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ إِذَا ذُكِرَ الْأَبْرَارُ وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ صَلَاةً لَا يَنْقَطِعُ مَدَدُهَا وَ لَا يُحْصَى عَدَدُهَا صَلَاةً تَشْحَنُ الْهَوَاءَ وَ تَمْلَأُ الْأَرْضَ وَ السَّمَاءَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْضَى وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعْدَ الرِّضَا صَلَاةً لَا حَدَّ لَهَا وَ لَا مُنْتَهَى يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ‏
توضيح السلطان كما مر في ذيل تعقيب الصبح مصدر كغفران بمعنى التسلط و خوالي الأيام بالخاء المعجمة أي مواضيها من إضافة الصفة إلى الموصوف استعلى ملكك الاستفعال هنا بمعنى الفعل أي علا و تفسخت دونك النعوت تفسخت بالفاء و السين المهملة و الخاء المعجمة أي تقطعت و بطلت فإنك فوق نعت الناعتين خرجت من يدي أسباب الوصلات بالصاد المهملة جمع وصلة بضم الواو و هي ما يتوصل به إلى المطلوب و المراد أنه قد فاتتني الأسباب-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 356
التي يتوصل بها إلى السعادات الأخروية إلا السبب الذي هو رحمتك فإنه لا يفوت من أحد و تقطعت عني عصم الآمال العصم بكسر العين المهملة جمع عصمة و قد تقدم تفسيرها ما أبوء به من معصيتك أبوء بالباء الموحدة و آخره همزة بمعنى أقر و أرجع فتل عني عذار غدره فتل بالفاء و التاء المثناة الفوقانية أي صرف و المراد بالعذار بكسر العين المهملة بعدها ذال معجمة ما يقع على خد الفرس من اللجام و الرسن و الكلام استعارة و المراد أن الشيطان بعد حصول مراده من إيقاعه لي في المعصية بالحيلة و الغدر يصرف عني عنان غدره حيث حصل مني مراده و تلقاني بكلمة كفره إشارة إلى ما حكاه سبحانه عنه بقوله تعالى إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكَ فأصحرني لغضبك أصحرني بالصاد و الحاء المهملتين أخرجني إلى الصحراء و المراد هنا جعلني تائها في بيداء الضلال متصديا لحلول غضبك علي و لا خفير يؤمنني عليك الخفير بالخاء المعجمة و الفاء بمعنى المانع و المجير إلى حرمات انتهكتها بالنون و التاء الفوقانية أي بالغت فيها و كبائر ذنوب اجترحتها أي اكتسبتها و قد قدمنا في الباب الأول ما
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 357
يحمل عليه أمثال هذا الكلام إذا صدر من المعصوم ع بحضرة الأكفاء أي بحضور الأمثال و الأشباه كنت أحتشم منه أي أستحيي منه حدرتني ماء مهينا بفتح الميم أي محقورا حرج المسالك بالحاء المهملة المفتوحة و الراء المكسورة و آخره جيم صفة مشبه من الحرج بفتحتين و هو الضيق نطفة ثم علقة نصب النطفة و المعطوفات عليها إما على حكاية ما وقع في القرآن المجيد أو على إضمار عامل كخلقني و نحوه فالنطفة مأخوذة من النطف و هو الصب و العلقة قطعة جامدة من الدم و هي أول ما يستحيل إليه النطفة ثم مضغة أي قطعة من اللحم و هي في الأصل بقدر ما يمضغ ثم عظاما بتصليب بعض أجزاء المضغة [العلقة] و الإتيان بصيغة الجمع لاختلاف العظام في الهيئة و الصلابة ثم كسوت العظام لحما إما مما بقي من المضغة أو لحما جديدا ثم أنشأتني خلقا آخر و هو صورة البدن و نفخ الروح فيه و هذا الكلام منه ع إشارة إلى ما تضمنه قوله تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 358
الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ من فضل طعام و شراب أجريته لأمتك الفضل بمعنى الفضلة و المراد به هنا دم الحيض فإن بعضه يصير غذاء للحمل ما دام في الرحم و بعضه يصعد إلى الثديين و يستحيل لبنا ليصير غذاء له إذا خرج و أستعصمك من ملكته بالفتحات أي تملكه إياي و استرقاقه لي من صدف عن رضاك صدف بالصاد و الدال المهملتين و الفاء بمعنى خرج و أعرض من أليم النكال تقدم تفسير النكال الفاغرة أفواهها فغر فاه بالفاء و الغين المعجمة و الراء أي فتحه الصالقة بأنيابها صلق بالصاد المهملة و آخره قاف كضرب وزنا و معنى صلاة تشحن الهواء بالشين المعجمة و الحاء المهملة بمعنى تملأ حتى يرضى بصيغة الغائب و الضمير للنبي ص و فيه إشارة إلى ما وعده به سبحانه بقوله جل شأنه وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‏-
وَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ عَنْ أَصْحَابِ الْعِصْمَةِ ع أَنَّهُ ص لَا يَرْضَى وَ وَاحِدٌ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ
. و أن هذه الآية أبلغ في الرجاء من آية لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 359
خاتمة
ينبغي للمصلي ملاحظة معاني أذكار الصلاة و أدعيتها و تعقيباتها و ما يقرأ فيها و أن لا يكون ذكره و دعاؤه و قراءته مجرد تحريك اللسان من غير ملاحظة المعاني المقصودة منها فيكون حاله كحال العربي إذا تلفظ بكلام الفارسي من غير شعور بمعاني ما يتلفظ به أو كحال الساهي أو المصروع إذا تكلم بشي‏ء من دون أن يخطر معناه بباله و يكفي في تنبيه المصلي و حثه على ملاحظة معاني ما يقوله في الصلاة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى‏ حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ.
وَ رَوَى رَئِيسُ الْمُحَدِّثِينَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ فِيهِمَا انْصَرَفَ وَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 360
اللَّهِ ذَنْبٌ إِلَّا غُفِرَ لَهُ‏
. و نحن بتوفيق الله تعالى قد بينا في الأبواب السالفة [السابقة] ما يحتاج إلى البيان و شرحنا ما يفتقر إلى الشرح من أذكار الصلاة و بعض ما يقرأ فيها و يتلى بعدها من التعقيبات و قد ختمنا كتابنا هذا بتفسير الفاتحة رجاء لحسن الخاتمة و ليكون جميع ما يقال في الصلاة و قبلها و بعدها مما ذكرناه في هذا الكتاب مفسرا مشروحا سهل التناول على إخوان الدين و خلان اليقين و على الله أتوكل و بالله أستعين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
الباء إما للاستعانة أو للمصاحبة و قد ترجح الأولى بإشعارها بكون ذكر الاسم الكريم عند ابتداء الفعل وسيلة إلى وقوعه على الوجه الأكمل الأتم حتى كأنه لا يتأتى و لا يوجد بدون التبرك بذكره و المصاحبة عرية عن ذلك الإشعار و إما متعلق الباء فمقدر خاص أو عام فعل أو اسم مؤخر أو مقدم و أولى هذه الثمانية أولها أعني الخاص الفعلي المؤخر إذ العام المطلق الابتدائي يوهم بظاهره قصر
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 361
الاستعانة على ابتداء الفعل فيفوت شمولها لجملته [بجملته‏] و الخاص الاسمي كقراءتي مثلا يوجب زيادة تقدير بإضمار خبره إذ تعلق الظرف به يمنع جعله خبرا عنه و المقدم كأقرأ بسم الله يفوت معه قصر الاستعانة على اسمه جل و علا و الله اسم علم شخصي للذات المقدسة الجامعة لصفات الكمال لا اسم لمفهوم واجب الوجود و إلا لم يكن كلمة لا إله إلا الله مفيدة للتوحيد لاحتمال تعدد أفراد ذلك المفهوم في اعتقاد قائلها و المعارضة بأنه لو كان كذلك لم يكن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مفيدا للتوحيد لجواز كونه علما لأحد أفراد الواجب مع عدهم السورة من الدلائل السمعية على التوحيد مدفوعة بأن الواحدية تستفاد من آخرها و أما صدرها فيفيد الأحدية أعني عدم قبول القسمة بأنحائها و الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ صفتان مشبهتان من رحم بالكسر بعد نقله إلى رحم بالضم و الرحمن أبلغ لدلالة زيادة المباني على زيادة المعاني و هي هنا إما باعتبار الكمية و عليه حملوا ما ورد في الدعاء- يا رحمان الدنيا و يا رحيم الآخرة لشمول رحمة
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 362
الدنيا للمؤمن و الكافر و اختصاص رحمة الآخرة بالمؤمن و إما باعتبار الكيفية و عليه حملوا ما ورد في الدعاء أيضا يا رحمان الدنيا و الآخرة و رحيم الدنيا لجسامة نِعَمِ الآخرة بأسرها بخلاف نِعَمِ الدنيا فمعنى الرحمن البالغ في الرحمة غايتها فلهذا اختص به سبحانه و لم يطلق على غيره لأنه هو المتفضل حقيقة و أما من عداه فطالب بإحسانه إما ثناء دنيويا أو ثوابا أخرويا أو إزالة رقة الجنسية أو إزاحة خساسة البخل ثم هو كالواسطة فإن ذات النعمة و سوقها إلى المنعم و إقداره على إيصالها كلها صادرة عنه جل شأنه و عظم امتناعه و تقديمه على الرحيم مع اقتضاء الترقي العكس لصيرورته بسبب الاختصاص به سبحانه كالواسطة بين العلم و الوصف فناسب توسطه بينهما و في ذكر هذه الأسماء في البسملة التي هي مفتتح الكتاب الكريم تأسيس لمباني الجود و الكرم و تشييد لمعالم العفو و الرأفة و إيماء إلى مضمون سبقت رحمتي غضبي و تنبيه على أن الحقيق بأن يستعان بذكره في مجامع الأمور هو الجامع لصفات الكمال البالغ في الرحمة غايتها المولى للنعم بأسرها عاجلها و آجلها جليلها و حقيرها و أما حمده سبحانه على بعض صفاته فراجع إلى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 363
الحمد على الآثار المرتبة على نفس الذات المقدسة بناء على ما هو الحق من عينيتها لها و تلك الآثار اختيارية و لامه إما جنسية أو استغراقية أو عهدية أي حقيقة الحمد أو جميع أفراده أو الفرد الأكمل اللائق به ثابت له جل و علا ثبوتا قصريا كما تفيده لام الاختصاص و لو بمعونة المقام.
و الرب إما مصدر بمعنى التربية و هي تبليغ الشي‏ء كماله تدريجا وصف به للمبالغة كالعدل و إما صفة مشبهة من ربه يربه بعد نقله إلى اللازم كما مر في الرحمن و إضافة حقيقته لانتفاء عمل النصب فهو مثل كريم البلد فجاز وصف المعرفة مع أن المراد الاستمرار لا التجدد و العالم اسم لما يعلم به الشي‏ء غلب في كل جنس مما يعلم به الصانع كما يقال عالم الأفلاك و عالم العناصر و عالم الحيوان و عالم النبات الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تكريرهما للإشعار في مفتتح الكتاب المجيد بأن اعتناءه جل شأنه بالرحمة أشد و أكثر من الاعتناء ببقية الصفات و لبسط بساط الرجاء بأن مالك يوم الجزاء رحمان رحيم فلا تيأسوا أيها المذنبون من صفحه عن ذنوبكم في ذلك اليوم الهائل مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قراءة عاصم و الكسائي و قرأ الباقون مَلِكِ و قد تؤيد الأولى بموافقة قوله تعالى-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 364
يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.
و الثانية بوجوه خمسة الأول أنها أدخل في التعظيم الثاني أنها أنسب بالإضافة إلى يوم الدين كما يقال ملك العصر الثالث أنها أوفق بقوله تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ.
الرابع أنها أشبه بما في خاتمة الكتاب من وصفه سبحانه بالملكية بعد الربوبية فيناسب الافتتاح الاختتام الخامس أنها غنية عن توجيه وصف المعرفة بما ظاهره التنكير و إضافة اسم الفاعل إلى الظرف لإجرائه مجرى المفعول به توسعا و المراد مالك الأمور كلها في ذلك اليوم و سوغ وصف المعرفة [به‏] إرادة معنى المضي تنزيلا لمحقق الوقوع منزلة ما وقع أو إرادة الاستمرار الثبوتي و أما قراءة ملك فغنية عن التوحيد لأنها من قبيل كريم البلد و الدين الجزاء و منه قولهم كما تدين تدان.
و تخصيص يوم الدين بالإضافة مع‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 365
أنه سبحانه ملك و مالك لكل الأشياء في كل الأوقات لتعظيم ذلك اليوم و لأن الملك و الملك حاصلين لبعض الناس في هذه النشأة بحسب الظاهر يزولان و يبطلان في ذلك اليوم بطلانا بينا و ينفرد جل شأنه بهما انفرادا ظاهرا على كل أحد و في ذكر هذه الصفات بعد اسم الذات الدال على استجماع صفات الكمال إشارة إلى أن من يحمده الناس و يعظمونه إنما يكون حمدهم و تعظيمهم له لأحد أمور أربعة إما لأنهم يرجون الفوز في الاستقبال بجزيل إحسانه و جليل امتنانه و إما لأنهم يخافون من قهره و كمال قدرته و سطوته فكأنه جل و علا يقول يا أيها الناس إن كنتم تحمدون و تعظمون للكمال الذاتي و الصفاتي فإني أنا الله و إن كان للإحسان و التربية فأنا رب العالمين و إن كان للرجاء و الطمع في المستقبل [للمستقبل‏] فأنا الرحمن الرحيم و إن كان للخوف من كمال القدرة و السطوة فأنا مالك يوم الدين إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ العبادة أعلى مراتب الخضوع و التذلل و لذلك لا يليق بها إلا من هو مول لأعلى النعم-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 366
و أعظمها من الوجود و الحياة و توابعها و الاستعانة طلب المعونة على الفعل و المراد هنا طلب المعونة في المهمات بأسرها أو في أداء العبادات و القيام بوظائفها من الإخلاص التام و حضور القلب و في الآية الكريمة أمور خمسة لا بد من بيان النكتة في كل منها أولها تقديم العبادة على الاستعانة و ثانيها تقديم المعمول على العامل و ثالثها تكرير لفظة إياك و رابعها إيثار صيغة المتكلم مع الغير على المتكلم وحده و خامسها الالتفات من الغيبة إلى الخطاب فنقول أما تقديم العبادة على الاستعانة فلعل النكتة فيه أمور سبعة الأول رعاية توافق الفواصل كلها في متلو الحرف الأخير و هذه النكتة إنما يستقيم على ما هو الأصح من كون البسملة آية من الفاتحة الثاني أن العبادة مطلوبة سبحانه من العباد و الإعانة مطلوبهم منه فناسب تقديم مطلوبه تعالى على مطلوبهم الثالث أن العبادة أشد مناسبة لما ينبئ عن الجزاء و الاستعانة أقوى‏
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 367
اتصالا بطلب الهداية فناسب إيلاء كل ما يناسبه الرابع أن المعونة التامة ثمرة العبادة كما يظهر من الحديث القدسي-
مَا يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْ‏ءٍ أَحَبَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ لَهُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَ بَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَ يَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا الْحَدِيثَ‏
. الخامس أن التخصيص بالعبادة أول ما يحصل به الإسلام و أما التخصيص بالاستعانة فإنما يحصل بعد الرسوخ التام في الدين فهو أحق بالتأخير السادس أن العباد وسيلة إلى حصول الحاجة التي هي المعونة و تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة السابع أن المتكلم لما نسب إلى نفسه العبادة كان في ذلك نوع تبجح و اعتداد بما يصدر عنه فعقبه بقوله وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يعني أن العبادة أيضا لا تتم و لا تستتب إلا بمعونتك و توفيقك و أما تقديم مفعولي العبادة و الاستعانة عليهما فلعل النكتة فيه أمور ثلاثة الأول قصرهما عليه سبحانه قصرا حقيقيا أو إضافيا إفراديا الثاني تقديم ما هو مقدم في الوجود-
                        مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، ص: 368
الثالث الإيماء إلى أن العابد و المستعين ينبغي أن يكون مطمح نظرهما أولا و بالذات هو الحق سبحانه على وتيرة ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله ثم منه إلى أنفسهم لا من حيث ذواتها بل من حيث إنها ملاحظة له عز و جل و منتسبة إليه ثم إلى أعمالهم من العبادة و نحوها لا من حيث صدورها عنهم بل من حيث إنها نسبة شريفة و وصلة لطيفة بينهم و بينه جل شأنه و أما تكرير الضمير فلعل النكتة فيه أمور أربعة الأول التنصيص على التخصيص بالاستعانة و إلا لاحتمل تقدير مفعولها مؤخرا فيفوت التنصيص الثاني رفع ما يتوهم من أن التخصيص إنما هو بمجموع الأمرين لا بكل واحد منهما الثالث الاستلذاذ بالخطاب الرابع بسط الكلام مع المحبوب كما في قول موسى على نبينا و عليه السلام هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها الآية و الفرق بين الأخيرين جريان الثاني في ضمير الغيبة دون الأول و أما إيثار صيغة المتكلم مع الغير على المتكلم وحده فلعل النكتة فيه أمور أربعة الأول الإرشاد إلى ملاحظة القارئ دخول الحفظة أو حضار صلاة الجماعة أو جميع حواسه و قواه الظاهرة و الباطنة أو جميع ما حوله دائرة الإمكان-

Tidak ada komentar:

Posting Komentar